منقذي الزائف بقلم بتول علي
المحتويات
مالك عينيه وظهر عدم الفهم على ملامحه وهو يقول
خميس مين بس يا بابا! أنا مش فاهم أي حاجة من كلامك.
دفعه عماد وأسقطه أرضا
وهو يردد پقهر فقلبه لم يعد يحتمل تصرفات ابنه المتناقضة
كفاية بقى يا أخي حرام عليك أنا تعبت منك أنت كل شوية تقول كلام وتتصرف تصرفات عكس
اللي كنت بتعملها من دقايق فوق بقى وارجع لعقلك وكفاية بقى الجنان الرسمي اللي مش عايز يسيبك من ساعة مۏت أمك.
أنا كويس جدا يا بابا ومش مچنون ولا حاجة أنت ليه بتقول عني كده وليه بتدخل ماما الله يرحمها في الموضوع! مش كفاية أنك كنت پتخونها واتجوزت أحلام بعد مۏتها على طول ونسيت أن عندك عيال بعد ما خلفت منها وبقالك شهور مش بتسأل فيا وجاي كمان بعد ده كله تتهمني بالجنون!!
لا مچنون وستين مچنون كمان كل شوية بتقول نفس الأسطوانة بتاعة الخېانة يا بني آدم افهم بقى أنا مكنتش بخون أمك صحيح كنت بكرهها بس مخنتهاش.
بهتت ملامح مالك وشعر بالتيه قائلا بتعجب
أسطوانة إيه اللي بعيدها! أنا عمري ما قولتلك الكلام ده غير دلوقتي عشان أخليك تشوف الظلم اللي بترتكبه في حقي عشان خاطر أحلام وابنك.
أول مرة إيه بس يا مالك! أنت عمرك ما بطلت تقولي كده وياريتها جيت على دي وخلاص أنت على طول بتتهمني بالتقصير والإهمال ناحيتك مع أنك لو مسكت تليفونك دلوقتي وشوفت سجل المكالمات عندك هتلاقي أن كان فيه مكالمة بيني وبينك أول إمبارح الصبح.
لم يقتنع مالك بحديث والده ولكنه قرر أن يفحص سجلات المكالمات لديه حتى يؤكد لوالده أن كلامه ليس جنونا وأنه بالفعل قد أهمله بعد فترة قصيرة من إنجاب شقيقه الأصغر.
لم يتمكن مالك من معرفة أي من تلك الأفكار هي الحقيقة وأي منها هو الوهم وظل رأسه يدور من كثرة الضغط الذي يتعرض له إلى أن استسلم في النهاية لتلك الظلمة التي اكتسحت كل شيء يحيط به وسقط أرضا أمام عيني والده الذي صړخ باسمه.
دخل عمرو إلى الشقة برفقة مروة وهو يعاتبها على تصرفها الأهوج الذي جعله يتشاجر مع والدته.
زفرت مروة قائلة بحنق بعدما جلست على الأريكة
خلاص يا عمرو كفاية بقى أنت من ساعة ما طلعنا وأنت عمال تهزقني.
نظر لها عمرو قائلا بعتاب وهو يربت على كتفيها محاولا جعلها تتفهم السبب الفعلي وراء توبيخه لها وأنه يفعل ذلك بدافع الخۏف عليها
أخذ عمرو شهيقا وزفيرا متابعا بضيق وهو يجلس بجوار مروة التي نكست رأسها أرضا حتى لا تواجه نظراته المعاتبة
أنا لحد دلوقتي مش مستوعب أن مجاش في بالك أنها كان ممكن تزقك وأنتم موجودين
على السلم ولو حصلك حاجة فمحدش هيقدر يوجه ليها نص كلمة لأن أنت اللي بدأت في ضربها وهي هتظهر في هيئة الست المسكينة اللي كانت بتدافع عن نفسها.
رفعت مروة وجهها وأخذت تبرر تصرفها الطائش وهي تبكي بشدة فهي لم تفرح بزواجها من عمرو ولا بحملها بسبب أفعال آية
أنت عندك حق يا عمرو وأنا فعلا غلطانة بس ياريت تحط نفسك مكاني أنا واحدة جوزها اتجوز عليها أرملة أخوه وهي لسة عروسة جديدة.
حاول عمرو مقاطعتها ولكنها لم تسمح له بذلك واستكملت حديثها الذي كشف مدى القهر الذي تشعر به
كنت عايزني أعمل إيه وأنا شايفة قدامي الشيطانة اللي كانت عايزة تسرق جوزي مني ولما فشلت حاولت تعملي سحر وبعد كده حطت صابون على الأرض ولولا ستر ربنا كان زمان بنتي ماټت وبعد كل ده كانت عايزاك تشك فيا وتفكر أني بخونك.
رفعت مروة صوتها الذي تحشرج بسبب شدة بكائها تشكو إليه الألم الذي يسكن قلبها ولا يشعر به أحد سواها
أنا
تعبت أوي يا عمرو أنا واحدة من ساعة ما اتجوزت وأنا عايشة في چحيم ومعاناة ومش عارفة أفرح وكله من تحت رأس الشيطانة اللي أمك شايفاها ملاك بجناحين.
احتضن عمرو زوجته وملس على رأسها هاتفا بحزم فهو قد سأم من آية التي أفسدت فرحته بحياته مع زوجته أكثر من مرة
كل حاجة هتخلص قريب يا مروة صدقيني أنا واثق أن آية هتختفي من حياتنا قريب أوي ومش هتقدر تزعجنا تاني.
قطع عمرو هذا الوعد بناء على الاتصال الذي جاءه من محمد قبل سماعه لصوت المشاجرة التي دارت بين آية ومروة فقد علم في هذه المكالمة أن شادي في طريقه الآن إلى القاهرة وإذا كان شكه صحيح فسوف يلتقي بالفتاة التي يحبها والتي يثق عمرو بنسبة مليون في المئة أنها تكون آية.
وجه عماد نظرات حزينة نحو مالك الذي استيقظ بعد فترة من إغمائه ووجد والده يجلس أمامه.
اعتدل مالك في جلسته وأخذ يفرك جبهته قائلا بحيرة
هو إيه اللي حصل يا بابا وأنت جيت هنا إمتى ودخلت إزاي وأنا قافل الباب من جوة بالترباس!
أجاب عماد بصوت مبحوح وهو يمرر يده على شعر ابنه شاعرا بقلبه سيتوقف في أي لحظة من شدة الحسړة على ما أصاب مالك الذي كان يتمنى دائما أن يراه في أفضل حال
أنا جيت هنا من شوية يا مالك وأنت بنفسك اللي فتحتلي الباب.
استغرب مالك من كلام والده وضيق ما بين حاجبيه وقبل أن يتحدث ربت عماد على كفه الأيمن قائلا
عملت إيه في موضوع مدرسة اللغات اللي اتفقت معاك أننا نقدم ورق أخوك فيها بعد ما المدرسة الأولى رفضته
أجاب مالك بهدوء وهو لا يزال غير قادرا على استيعاب حقيقة أنه فتح الباب لوالده قبل قليل كما أنه لا يفهم لماذا كان نائما على الأريكة في الصالة بدلا من سرير غرفة نومه
أنا كلمت المدير بتاع المدرسة وهو قال أن لما التقديم يفتح هيبلغني على طول عشان نروح نقدم الورق والكلام ده أنا بلغتك بيه الأسبوع اللي فات.
أغلق عماد عينيه متسائلا بتنهيدة بعدما قرر أن يجعل مالك يدرك حقيقة تصرفاته المتناقضة
هو أنت فاكر يا مالك أنت إزاي عرفت أني عايز أقدم لأخوك في المدرسة دي
أومأ مالك بإيجاب وهو يشعر بالتعجب من أسئلة والده المريبة
أيوة طبعا يا بابا أنت اللي اتكلمت معايا وفتحت الموضوع ده عشان تاخد رأيي فيه وأنا شجعتك على الفكرة وقولتلك هتواصل مع الإدارة وهشوف الإجراءات.
وضع عماد هاتفه أمام مالك وقام بتشغيل مقطع صوتي لتلك المكالمة التي أخبر بها مالك والده أنه علم بأمر المدرسة عن طريق المصادفة من بعض الناس.
ظهرت أمارات الذهول على وجه مالك بعدما سمع كلامه في هذا التسجيل الذي انتظر عماد انتهاءه قبل أن يتحدث
أنا موبايلي بيسجل المكالمات يا مالك ومعظم مكالماتك ليا وأنت بتلومني وبتقول أني اتخليت عنك متسجلة زي المكالمة دي كده وده إثبات عشان تتأكد وتقتنع من جواك أنك محتاج فعلا تروح مصحة نفسية في أسرع وقت ممكن.
هب مالك واقفا وصړخ باستنكار رافضا هذا الاتهام الموجه ضده فهو لن يسمح أن ينعته أحد من أفراد عائلته بالجنون مثلما كان يحدث في الماضي مع والدته الراحلة
إيه الكلام الفارغ ده أنا كويس ومفيش فيا حاجة هو أنا عملت إيه يا بابا عشان تفكرني مچنون! وبعدين أنا مش فاهم أنا كلمتك وقولتلك الكلام ده إمتى!
دلف عماد إلى إحدى الغرف وغاب بداخلها بضع ثوان ثم خرج منها وهو يحمل في يده الهاتف الخاص بابنه فقد وضعه عماد بداخل هذه الغرفة مباشرة بعد تعرض مالك للإغماء.
مد عماد يده بالهاتف لمالك وطلب منه أن يفتحه وبالفعل قام مالك بكتابة الرقم السري ثم أعاده لوالده مرة أخرى وهو يشعر بالفضول منتظرا معرفة سبب رغبة عماد في تصفح الهاتف.
قام عماد بفتح الأذونات المطلوبة من أجل تشغيل تطبيق المشاركة ثم
قام بإرسال
استنى يا بابا خليني أفهم إيه الحكاية بالظبط وبلاش تسيبني تايه كده وحاسس أني مش فاهم حاجة.
انسحب عماد بعدما أزاح ابنه من طريقه وغادر الشقة وترك مالك بمفرده حتى يستمع إلى التسجيلات ويدرك حقيقة أفعاله.
كلما انتهى مالك من سماع تسجيل تزداد صډمته مما يقوله لوالده وكانت الطامة الكبرى بالنسبة له عندما سمع تسجيل المكالمة التي دارت بينه وبين خميس قبل حاډث من إيده بالعافية ووديه المصحة.
زمجر عماد بعصبية فهو قد أصابه التعب من كثرة التفكير في حل لمشكلة ابنه ولا ينقصه تقريع زوجته وعدم تقديرها لموقفه
حرام عليك بقى يا أحلام كفاية عليا اللي أنا فيه أنت يعني شايفة أني في وضع يخليني أستحمل كلامك اللي زي السم.
أطلق عماد تنهيدة حارة وأكمل حديثه بعدما جلس وخلع سترته
مكانش قدامي أي حل بعد ما فضل ينكر حالته وصمم أنه كويس غير أني أسيبه لوحده يسمع التسجيلات عشان أخليه يقتنع بمرضه وأستنى لما هو يجي لحد عندي ويقول بكامل إرادته أنه محتاج يدخل مصحة.
شعرت أحلام بالسوء من نفسها لأنها قست على زوجها وقامت بلومه على أمر ليس له دخل به فهو ليس المسؤول الرئيسي عن الحالة التي وصل إليها مالك وإنما المسؤول عن هذا الأمر هي نسرين التي كانت تشتته دائما منذ مرحلة طفولته وتطلب منه القيام بالشيء وعكسه في الوقت نفسه.
لقد كانت نسرين تغرس في رأس مالك فكرة أن الجميع يكرهه وأولهم والده وعلى الجانب الأخر كان أفراد العائلة يعاملونه بشكل جيد وهذا الأمر تسبب بظهور بوادر انفصام في الشخصية تفاقمت عنده بعد ۏفاتها ورؤيته لحقيقة أنها مكروهة من جميع المحيطين بها بسبب أفعالها الخبيثة وليس لأنهم يغارون منها مثلما كانت تزرع داخل عقله.
أخذت فادية تمرر قطع الثلج على كدمات آية وهي تدعو على مروة التي جعلت ابنها يتشاجر معها من أجلها
حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا مروة يا بنت شيماء روحي يا شيخة إلهي أشوف فيك يوم يا بعيدة.
تحدثت آية من بين بكائها وهي تتأوه بسبب ألم كتفها
شوفتي يا ماما أنا بقى بيجرالي إيه هنا في البيت وأنت موجودة كل اللي بيحصل ده يبقى ولا حاجة قدام اللي بيحصلي لما أنت بتبقي بايتة برة البيت عن واحدة
متابعة القراءة