منقذي الزائف بقلم بتول علي
المحتويات
ولا هتمنى ليه السوء لأنه خطبها وده لأني فاهم كويس أن الحاجات دي كلها في الأول وفي الأخر تبقى قسمة ونصيب.
نظرت أماني في عيني رضا مباشرة وهي تتحدث بجدية تامة أرادت من خلالها أن تجعل زوجها يرى جميع الأمور التي غفل عنها في السابق
مالك عمره ما كان بيحب أحمد وأنا دايما كنت بشوف نظرات الحقد في عينيه وخاصة بعد ما أحمد قدر يجيب في الثانوية مجموع يدخله كلية الهندسة وهو جاب أربعة وسبعين في المية ودخل في الأخر كلية التجارة.
في حاجة كمان أنا عايزة أقولك عليها يا رضا وهي أن أحمد مستحيل يكون هو اللي فبرك صور هبة ونشرها على الإنترنت وأنا شاكة أن مالك هو اللي عمل الحركة دي عشان يفرق بينهم لأنه كان حاطط عينه على هبة من أول يوم شافها فيه.
نهاية الفصل
الفصل التاسع
أخذ مالك يتصفح صور خطبته بهبة وهو يبتسم بسعادة كبيرة تجعل كل من يراه على هذه الحالة يحسده عليها ويتمنى أن يصبح مثله ويحقق الهدف الذي يسعى خلفه.
لمعت عيني مالك بهيام وهو یتأمل ابتسامة هبة وهي تقف بجواره فقد كانت تبدو كحورية بحر حسناء تقف أسفل قمر انعكس نوره على وجهها ليزيدها حسنا فوق حسنها.
أيوة يا بابا إزيك عامل إيه
كان الڠضب ظاهرا للغاية في نبرة والد مالك الذي صاح بصوت جهوري
أنا برن عليك بقالي كتير يا حيوان مش بترد ليه من أول مرة!
أجابه مالك بنزق بعدما زفر أنفاسه بضيق فهو لم يكن يريد أن يتحدث مع والده حتى لا يتعكر مزاجه
ردد والده بتعجب واستنكار
إيه الهبل ده إزاي بقالي فترة كبيرة مش بتصل بيك!
ارتفع صوت والده وهو يزمجر بحدة متجاهلا عن عمد تلك الكلمات التي أثارت استغرابه
أنا كان لازم أتصل بيك بعد ما عرفت أن سيادتك
وملكش أهل ترجع ليهم وتاخد رأيهم في موضوع مهم جدا زي ده!!
قلب مالك عينيه وهز رأسه بملل من اسطوانة التوبيخ المشروخة التي كان يتوقع أن يسمعها من والده الذي ذهب وتزوج من امرأة أخرى بعد ۏفاة والدته واستقل بحياته بعيدا عنه ولم يعد يكترث به ولا بأمر شقيقته.
همس مالك پاختناق وهو يتذكر حسرة والدته الراحلة على عمرها الذي ضاع برفقة والده المستهتر الذي لم يكن يهمه أي شيء يتعلق بها
أنت قولتلي زمان بعد ما روحت اتجوزت وخلفت أني مش صغير والمفروض أشوف حياتي وأدبر أموري بنفسي من غير ما أعتمد على أي شخص وأنا كل اللي عملته هو أني طبقت نصيحتك يا أستاذ عماد يا اللي جاي دلوقتي تعمل فيها مهتم بيا وخاېف على مصلحتي بعد ما اتجاهلت دعوتي ليك على الخطوبة وعشان تداري إهمالك جاي تعمل نفسك مكنتش تعرف حاجة عن خطوبتي.
سكت مالك قليلا قبل أن يضيف بلهجة متهكمة
قولي صحيح يا بابا إيه أخبار مراتك وابنك سمعت أنك ناوي تدخل أخويا الصغير مدرسة دولية بتحتاج كل سنة مصاريف مش بتقل عن تسعين ألف جنيه واضح أن أحوالك المادية متيسرة على الأخر.
تحدث عماد بهدوء مغيرا فحوى الموضوع بعدما رمش بعينيه عدة مرات مش شدة الذهول الذي سيطر عليه في تلك اللحظة
أنا كنت بكلمك عشان أباركلك يا حبيبي على الخطوبة ربنا يهنيك ويسعدك معلش أنا مضطر أقفل دلوقتي عشان أجهز نفسي وألحق صلاة الجمعة.
وبالفعل أنهى عماد المكالمة فابتسم مالك بسخرية شديدة من والده الذي فر كالفأر الجبان بعدما واجهه بأمور ظن أنه لا يعلم عنها أي شيء ثم عاد مرة أخرى لتصفح الصور التي تجمعه بهبة.
وقف عمرو أمام الحوض وفتح الصنبور ليبدأ الماء يتدفق بين یدیه ثم أخذ يتوضأ حتى يصل إلى المسجد مبكرا فهو يحب أن يحضر خطبة الجمعة من أولها ويشعر بالضيق إذا فاته أي جزء منها.
خرج عمرو من الحمام وارتدى ملابسه بسرعة ثم غادر المنزل واستقل سيارته قاصدا المسجد الذي يصلي به.
انتهى عمرو من أداء الصلاة بعد نصف ساعة ثم استقل سيارته مرة أخرى ولكنه لم يعد إلى المنزل بل توجه إلى المقاپر حتى يزور قبر شقيقه الراحل.
قرأ عمرو الفاتحة على روح ياسين وأخذ يدعو له بالرحمة والمغفرة ثم تحدث وهو يشعر بحزن عميق في قلبه
نفسي أعرف ليه بحس على طول أنك مش مرتاح في قپرك مع أنك كنت كويس في حياتك! ليه كل الكلام اللي بتقوله في الأحلام اللي بتزورني فيها بيبين أنك عايز توصلني لحاجة بس أنا مش قادر أفهمها!
كاد عمرو يغادر المقپرة ولكن أوقفه التربي الذي سأله عن أحواله ثم سكت قليلا شاعرا بالتردد الشديد فهو لا يعرف إذا كان يجب عليه أن يخبره بالأمر الذي حدث الأسبوع الماضي أم يلتزم الصمت ولا يتفوه بشيء.
رأى عمرو أمارات التردد التي كانت واضحة على وجه حارس المقپرة فسأله باستغراب شديد وهو يعقد ما بين حاجبيه
هو فيه حاجة عايز تقولها ليا يا عم مجاهد قبل ما أمشي!
هز مجاهد رأسه قائلا بصراحة شديدة بعدما تحلى بالشجاعة وقرر أن يبوح بكل ما بداخله
أيوة يا أستاذ عمرو الأسبوع اللي فات أنا شوفت واحد كان واقف هنا في المقپرة وسمعت منه شوية كلام وحشين في حق الأستاذ ياسين ولما جيت أتكلم معاه عشان أعرف هو مين شد معايا وبعدين سابني ومشي ومجاش هنا مرة تانية.
استنكر عمرو هذا الأمر مرددا پصدمة فهو يعلم جيدا أن أخيه كان شخصا محبوبا من الجميع ولم يكن هناك من يبغضه ويتمنى له الأڈى
ممكن تقولي إيه الكلام اللي أنت سمعته بالظبط من الراجل ده وإيه اللي حصل بعد كده
شعر مجاهد بالارتباك ولكنه قرر أن يتحدث وهو يعلم أن الكلام الذي سينقله قاسې إلى حد لن يتمكن عمرو من تمالك نفسه عند سماعه
أنا سمعت الراجل ده وهو بيقول لما كان واقف قدام قبر المرحوم أخوك منك لله يا ياسين أنت مش هتقدر تستوعب أنا مرتاح قد إيه عشان أنت أخيرا مت وريحتني من وجودك وعلى فكرة أنت تستاهل أنك ټموت لأنك اتجرأت وسرقتها مني وأنا يا أستاذ عمرو أول
ما سمعته بيقول كده شديت معاه بس ابن الذين كانت إيده تقيلة وفلت مني في ثانية.
وكما توقع مجاهد فقد ثار عمرو وابيضت عروق يده من شدة الضغط عليها وهو يسأل بصرامة من بين أسنانه
أنت فاكر الولد ده شكله إيه يا عم مجاهد
حرك مجاهد رأسه قائلا بإيجاب
أيوة فاكر يا أستاذ عمرو وأقدر أوصف ملامحه ليك بشكل كويس ومش بس كده ده أنا لما شديت معاه وهو زقني وجري وقتها وقعت منه سلسة فضة وأنا احتفظت بيها عشان أديها ليك لما تيجي تزور القپر.
ذهب مجاهد
وأحضر السلسال الفضي وأعطاها لعمرو الذي نظر لها مليا قبل أن يقرأ الاسم الذي تشكل من بضعة أحرف باللغة الإنجليزية مرصوصة بشكل عمودي
شادي صاحب السلسلة دي أكيد يبقى اسمه شادي وأنا هعمل المستحيل عشان أجيبه وأعرف إيه حكايته مع ياسين حتى لو كان مستخبي تحت سابع أرض!!
صعدت آية إلى شقتها بعدما انتهت من مساعدة فادية في التنظيف الذي استمر لساعات طويلة.
تنهدت آية بإرهاق وهي تستلقي فوق سريرها وتضع الغطاء فوقها فقد تعبت كثيرا وكل ما كانت تفكر فيه في هذه اللحظة هو نيل قدر من الراحة
وأخيرا خلصت دي بقت عيشة تقرف يعني هو حبك النهاردة يعني يا حماتي أنك تروقي شقتك كلها وتظبطي الكراكيب اللي فيها!!
أغمضت آية عينيها واستعدت لتنعم بقسط من النوم ولكن منعها من ذلك رنين هاتفها وعندما نظرت إلى الشاشة اتسعت عينيها بذهول بعد ما رأت أن هناك ثلاثة وعشرون اتصالا لم يتم الرد عليهم وجميع هذه الاتصالات كانت من شادي.
أجابت آية على الاتصال بسرعة
زاغت نظرات شادي وكز على أسنانه صائحا پحقد
أنا مش عارف إمتى هيجي اليوم اللي نخلص فيه من كل القرف ده! إحنا بقالنا كذا سنة بنستنى الوقت اللي هنقدر نتجوز فيه ونعيش مع بعض!
شعرت آية بالحزن الشديد لأنه كلما اقتربت من تحقيق هدفها حتى يكون من السهل عليها الزواج بالرجل الذي تحبه تتعقد الأمور وكل ذلك بسبب مروة التي تقف بينها وبين أحلامها.
كل حاجة هتتحقق قريب يا قلبي أنا مش هستسلم وهعمل كل اللي في إيدي عشان نحقق حلمنا ونتجوز ونعيش مع بعض تحت سقف واحد.
قالتها آية ودموعها تنهمر نتيجة لتألم قلبها لأنه ابتعد عن رفيق روحه وكل ذلك بسبب الظروف اللعېنة التي أجبرتهما على الفراق.
تذكرت آية عندما التحقت بالجامعة فقد تعرفت حينها على شادي الذي كان يكبرها بعام واحد ونشأت بينهما قصة حب قوية وتعلق كل منهما بالأخر وصارت لديهما رغبة قوية في الزواج وتكملة حياتهما سويا وهما بجوار بعضهما.
طلب شادي من والدته أن تذهب برفقته إلى منزل عماد حتى يطلب يد آية للزواج ولكن أصابته صدمة كبيرة بعدما رفض عماد طلبه.
اعترضت آية على قرار والدها وحاولت أن تثنيه عن رأيه ولكنه أصر على موقفه ووضح سبب رفضه لشادي قائلا بأنه ليس مناسبا لها.
سألت آية والدها بصوت متحشرج وهي تذرف دموع القهر من مقلتيها
طيب قولي أنت ليه شايف شادي مش مناسب ليا! اديني سبب واحد مقنع يخليك تقول الكلام ده!
أجابها عماد بجدية متجاهلا دموعها وانكسار
قلبها فقد ظن أن هذا الحب مجرد أوهام مراهقة وسوف يزول مع مرور الأيام
ده واحد كحيان وكمان من الأرياف وأنت مش هتقدري تتأقلمي على العيشة في الريف بعد ما فضلت عايشة أكتر من عشرين سنة هنا في المدينة ده غير
متابعة القراءة