روايه بقلم ساره المصرى

موقع أيام نيوز


وابتسمت فى تهكم لابد انها عادت بعد دقيقة من خروجها لأنها نسيته متى تتوقف تلك الفتاة عن نسيان أشيائها فى كل مكان حملت الهاتف وهي تحتفظ بابتسامتها وتعد كلمات السخرية كالمعتاد فتحت الباب وهى تتأهب للحديث فبقى ثغرها مفتوحا بل اتسع اكثر واكثر فى ذهول وهى ترى يوسف يقف أمامها 

كنزة قصيرة زرقاء تصل بالكاد الى خصرها لتبرز منحنيات جسدها فى دقة تخلص هو من ذهوله بشكل أسرع وهو يقول بعد ان تنحنح ليتصنع الجدية 

لو سمحتي يا انسة أنا عاوز ايلينا حضرتك صاحبتها 
رفعت حاجبيها وقد خلصتها مزحة يوسف من توترها هي زوجته على أي حال ولن يحدث شىء ان رآها هكذا ردت فى جديه 
نعم يا يوسف فى ايه علي فى مدرسته وصوفيا مش هنا 
ابتسم في نفسه فالفرصة أمامه متاحة تماما فتمادى فى مزاحه اكثر قائلا 
يا انسة لو سمحتي انديهالي مراتي 
نظرت الى هيئتها قبل أن تقول في غيظ وهى تهم بغلق الباب 
طيب روح دور على مراتك في مكان تاني 
تلقى الباب بيده ليمنعها من غلقه قبل أن يدخل هو لمواجهتها ويغلقه خلفه قائلا وهو يكور وجهه 
ياباى عليكى الواحد ميعرفش يهزر معاكى ابدا 
عقدت حاجبيها في تذمر وهي تراه يجول بعينيه على جسدها كأنه يتعمد ارباكها نظر الى جسدها المنحوت والذى تخفيه بحجابها ولها الحق فى ذلك وان لم تفعل لطلبه منها فلن يسمح لغيره بأن يرى كل هذه الانوثة ليمتع ناظريه بهما 
احتضنت نفسها قائلة فى توتر 
يوسف عاوز ايه 
ابتسم وهو يقترب منها قائلا 
ايه الجمال ده كله 
ازدردت ريقها واحمرت وجنتيها وانتفضت وهو يمد انامله يلامس شعرها الغجرى هامسا في نبرة مؤذية لارادتها الهشة 
تعرفى اني طول عمرى بعشق الشعر الغجرى ده اوعى تعملي فيه أي حاجة أنا عايزه على طول كدة 
كاد ان يمد يده الاخرى لتتجول فى خصيلات شعرها اكثر لولا ان مدت يدها لتنزل كفه فى عڼف هاتفة 
يوسف انت بتعمل ايه انت اټجننت 
تراجع خطوتين قائلا وهو يضع يديه فى جيبه 
اټجننت واضح انك نسيتى ان احنا متجوزين 
ردت فى عناد طفولى وهى
صورى بس واحنا اتفقنا على الانفصال 
انت هتعمل ايه 
هبطلك تقولى كلمة صورى دى تانى 
يوسف اعقل بلاش جنان 
الجنان هوا الحاجة الوحيدة اللى تنفع معاكى 
ايه رأيك بقا لو فعلتلك الجواز ده دلوقتي حالا 
الفصل الثالث عشر 
يوسف قوم مينفعش كدة 
صراع بداخلها يحتدم مابين القلب والعقل وهي لاتعرف الى أي جهة تنحاز ارتعدت أناملها فأحكم أنامله حول كفها يدعمها ويعطيها الأمان بلمسة حين أدركت تأثيرها أفلتت دمعة عجز من عينها دون قصد وهمست بصوت متهدج 
يوسف أرجوك أنا مش قادرة أتوازن نهائي وجودك بيربكني ومش بيخليني عارفة أفكر أنا عاوزة أبعد لا أنا عاوزة 
قاطعها وهتف بكل حنان الدنيا 
بحبك 
انطلقت من قلبه الى شفتيه فلم يعد للعقل وجود أصبح للمشاعر كامل السلطة والقرار 
شهقت من اعترافه الواضح والصريح فمال أكثر ليلامس جبينه بجبينها قائلا 
مش بس بحبك أنا بعشقك يا ايلينا اديني قولتهالك من النهاردة مش هتبعدي ولاهتروحي في أي مكان من النهاردة أمانك وسكنك وحمايتك هوا أنا مش بعد ما خليتى قلبى يدق ترجعى تخلي بيه 
وانا كمان بحبك يا يوسف 
بس تفتكر الحب
قطب جبينه فى حيرة 
مش فاهمك 
تحركت قليلا في المكان وهي تواصل 
يوسف أنا وأنت غير بعض في كل حاجة أنت ماشى فى طريق وأنا ماشية فى طريق عكسه ازاي هنقدر نتقابل 
ايلينا احنا فعلا اتقابلنا فى نقطة ودلوقتي ماشيين في نفس الطريق انتي ليه مش قادرة تصدقي اني فعلا اتغيرت 
نظرت له في محاولة لاقناع نفسها بما يقوله 
مش بالكلام يا يوسف عاوزة أحس فعلا انك اتغيرت بجد ومش عشاني عشان أنت غلط ولازم تتغير للصح 
أشاح بوجهه فلم يعد يعرف ماذا بامكانه فعله ليرضيها بالضبط 
احتوت هي كفيه هذه المرة وهي تخبره مقصدها في حنان 
أنا مش عاوزاك تتغير كام يوم وبعد كدة ترجع للي كنت فيه 
انتزع كفه من بين يديها في حنق باحت به نبرته وهو يقول 
ابتسمت للحظات عادت بعدها تردف في ترقب 
عاوزة أحس ان ده مش طبعك وأن زى عم محمود ما قال مريت بتجربة صعبة غيرت من حكمك على الأمور احكيلي يا يوسف وافتحلي قلبك 
تراجع وتعرق جبينه بل شعر وكأنه يغتسل بعرقه فأعطاها ظهره لتلحظ توتره وألمه فوقفت أمامه قائلة 
يوسف انت محتاج تتكلم وأنا محتاجة أسمعك 
تنهد في حړقة وهو يطرد تلك الذكرى اللعېنة عن رأسه فرك جبينه بكفه قبل أن يطلب منها في رجاء 
مش هقدر اتكلم يا ايلينا مش عشان مش عاوز بس الموضوع ميخصنيش لوحدي 
قطبت حاجبيها في حيرة 
مش فاهماك ممكن تحكي من غير 
تحشرج صوته كثيرا وهو يهمس في توسل 
يوسف خلاص اهدى 
توعديني اني عمرك ما هتبعدى عني 
همست في نعومة 
لو وعدتنى ان عمرك ما هتجرحني 
اوعدك 
أنت ما هتصدق ولا ايه 
ابتعد وهو يعود الى مرحه ودعابته قائلا 
طيب اذا كان كدة تبقى تدخلى تلبسى حجابك عشان هنتغدى سوا برة 
واضاف وهو يغمز بعينه 
والفرح كبيرنا اسبوع ولا اتنين وهيتعمل والا قسما بالله كلمة زيادة لارجع اعمل اللى كنت بعمله والمرة دى بجد 
هستناكى برة 
جلست صوفيا على حافة حوض الزهور الذى يرعاه تأملت تلك الزهرة البيضاء بمنتصفه في حزن تبدو مثلها تماما وحيدة منبوذة من كل الزهرات لقد جرحها وكان جرحه اكثر ايلاما من أي ۏجع عاشته من قبل لقد حكم مثل الأخرين تماما لقد نبذها مثلما نبذت من قبل عائلتها لقد اتهمها دون ان يسمعها هل اخطأت حين ظنت انه ربما يحمل لها مشاعر هل عاشت هذا الوهم وحدها هل فرضت نفسها عليه فأراد ان يبعدها بأي طريقة هل كانت ايلينا على حق حين اخبرتها انهما مختلفان فى كل شىء ورغم ذلك القت بكل هواجسها جانبا واندفعت تحبه بكل طاقة تملكها مشاعرها كان من الأجدر ان تفر من البداية قبل ان يصل الامر بها الى تلك النهاية مڼهارة وحيدة منبوذه كالعادة تعيش حزنها وتحاول مداواة المها پألم جديد تعرف انه 
سمتها صوفيا 
انتفضت على صوته فالتفتت اليه ليواصل 
جمالها مينفعش يشيل اسم تانى غير كدة 
بعد اذنك 
صوفيا استنى 
واخفض رأسه ليضيف في خجل 
انا اسف بجد اسف 
ردت بنبرة مخټنقة 
اكتر كلمة بكرهها فى الوجود بنأذى اللى قدامنا ونجرحه ونهينه وبعدين نقول اسف المفروض الكلمة دى تريح ضميرك طيب هتقدر تمحى اللى انت قولته مفتكرش 
حاولت ان تتخطاه فأغلق الطريق عليها قائلا 
صوفيا من فضلك اسمعينى 
نجحت فى تخطيه بالفعل وهي تخبره في حسم 
سمعت منك كتير بعد اذنك 
وركضت فى اتجاه المنزل الصغير الذى تقيم فيه مع ايلينا ولكنه كان أسرع منها حين حاولت ان تغلق الباب دفعه بيده ودخل خلفها ليغلقه هو فتراجعت صوفيا قائلة 
من فضلك ايلينا خرجت مع يوسف وعلى فى مدرسته 
عقد ساعديه في اصرار واضح 
وانا مش هخرج من هنا غير لما تسامحينى 
ابتسمت فى

سخرية قائلة 
اسامحك على ايه ماكل الكلام اللى قولته صح وجلست على كرسى قريب فى ضعف وهى تواصل 
بس المشكلة انه مكانش بايدى كان نفسى الاقى حد يربينى وېخاف عليا انت اتولدت لقيت ليك اب ام واخوات لقيت حد يعرفك الصح من الغلط 
واشارت الى صدرها مواصلة 
لكن انا انا عشت طول عمرى منبوذة من ناس المفروض انهم اهلى انا اتولدت لاب مصرى وام فرنساوية بابا كان صاحب عمو سمير ولما شاف مونيك اخت جانيت مامة ايلينا حبها او المفروض انه حبها واتجوزها بس الحب وحده مكانش كفاية او مكنش موجود من اصله اكتشفو بعد كام سنة بعد ما خلفونى انهم بيكرهو بعض ومش قادرين يكملو وصل كرهم لابعد حد كان كل واحد بيعاقب التانى فيا كل واحد كان بيرمينى للتانى ويقوله شيل مسئوليتك مش بنتى لوحدى امى كانت بتبص لاسمى تفتكر ابويا وتكرهنى زيادة وابويا لما كان بيشوف ملامحى اللى تشبهها كان پيلعن الساعة اللى اتجوز فيها خواجاية بعدته عن اهله كل واحد فيهم اتجوز حد شبهه وفضلت انا الحاجة اللى بتفكر كل حد فيهم بغلطه رمونى فى مدرسة داخلى عشان يرتاحو منى وهناك مكنتش عارفة انا مين نص مصرية ونص فرنساوية نص مسلمة ونص مسيحية انا ايه بالظبط محدش فكر فيا خالص كل اللى كان بينا شوية فلوس عمرهم ما قصرو فيها الصراحة خالتو جانيت اخدتنى فترة حاولت تعلمنى حاجات كتير عن دينى ولغتى ولما امى لاحظت ده كانت بتحاول تمحيه بكل طريقه وفضلت تايهة مش عارفة اعمل ايه تعرف يا زين انى عمى ريان عرفته بالصدفة كان اخو بابا الصغير وجاى فى بعثة واستقر هناك كنت تعبانة فى المستشفى وهوا اللى عالجنى ولما قال لبابا مكلفش خاطره يجى يطمن عليا عارف انى قبل ماجى هنا امى طلبت منى اسيب الشقة وارجع اعيش لوحدى تانى عشن ناوية تتجوز واحد غير جوزها اللى سابته انا وقتها انهرت وهربت وجيت لايلينا عشان انا مليش غيرها يا زين مليش غيرها 
ودفنت وجهها بين كفيها تبكى فى حرارة لفحت قلبه وسمرته فى مكانه للحظات وهو يتساءل هل هناك من القسۏة التى من الممكن أن تصل بقلوب البشر الى هذا الحد هل يختفى خلف هذا الوجه البرىء والملامح الملائكية كل هذه المعاناة هل اختفت خلف تلك الابتسامة المبهجة ألآم لم يعشها عجوز تخطى المائة الى هذا الحد لم ينتبه الى هذا الشجن الرابض بعينيها وانشغل فقط بسحرهما وبريقهما من هو ليحكم عليها هل عاش ولو ذرة مما عاشته لقد ولد لأب وأم مسلمين ووجد ألف من يعلمه ويوجهه لهويته ودينه وتقاليد مجتمعه أما هي فلا علام يحاسبها على يتم ابويها وهما على قيد الحياة أم على نبذها من أقرب الناس اليها دون ذنب 
أي حب هذا الذى يظن انه يحمله لها 
انا غبي ومتخلف ومتسرع قولى كل اللى انتى عاوزاه انا مش هقدر اسامح نفسى اصلا فمش هطلب منك تسامحينى تانى خدى حقك منى بالطريقة اللى تريحك 
رفعت رأسها تخبره بين نشيجها 
زين انا مش متضايقة من اللى اتقال انا سمعته بدل المرة الف انا متضايقة انه خرج منك انت انت بالذت افتكرت انك مش هتشوفنى زيهم 
نهض فنهضت بدورها امامه ليسألها في خبث 
انا بالذات يعنى انا مختلف بالنسبالك صوفيا عن اى حد 
رمشت بأهدابها عدة مرات لتخفي عينيها الساحرتين عنه قبل ان تخفض رأسها فى خجل لتبتعد عن مواجهته قائلة 
انا طول عمرى تايهة ومش لاقية مكان ولا بر ارسى واستقر عليه بس لما شوفتك حسيت انى انى وقطعت الحديث بشهقاتها الباكية فابتسم زين وامسك بكتفيها قائلا 
مفيش داعى تقولى اى حاجة انا اللى هتكلم يا صوفيا لو انتى كنتى تايهة فانا كنت عارف كويس اوى انا
 

تم نسخ الرابط