بدور

موقع أيام نيوز


البسمة على وجه أخيها والفضل يعود لها .. سكتت لثوان وهي تراهيحاول منع بسمته من الإتساع فتساءلت فجأة 
_ بس مقولتليش نصايحي فادوك معاها والا لا 
رفع رسلان كتفيه مجيبا بجهل 
_ معرفش أنا طبقت اتنين منهم بس لسه مشفتش النتيجة .
_ طبقت انهي منهم بالضبط 
تنحنح رسلان ثم تحدث ببعض الإحراج 

_ مش انت قلتيلي ان البنات بيحبوا لما حد يشاركهم حاجة بيحبوها أنا بقى لاحظت انها بتقعد برة ساعات وبتتفرج على الغروب والنهاردةلما شفتها قاعدة قعدت جنبها وفضلت اتفرج عليه معاها ..
_ واتكلمتوا 
_ شوية .
قال ذلك ثم أضاف بتذكر 
_ اه وكمان اديتها الجاكيت بتاعي لما حسيت انها سقعانة زي ما بيعملوا في الافلام والروايات .
ضحكت مريم بخفة وهي تتخيله يقوم بحركات رومانسية كهذه ولم تنتبه إلى أن ضحكها جعل فمه يتقوس بتذمر وجنتيه تتوردان بشكلمضحك ولطيف بسبب الإحراج .
حاول مداراة حرجه بإفتتاح أي موضوع ثان فأخرج أول ما خطړ على باله قائلا 
_ بنت عمة بابا هتجي عندنا بكرة وممكن تفضل هنا أسبوع .
_ طيب 
_ خالد قالي انها ممكن تساعدني عشان اخلي بدور تغير عليا ..
نفت مريم برأسها سريعا وهتفت برفض 
_ لا دي حركة رخيصة ومحدش من البنات بيحبها اياك تسمع كلام خالد ده ! أنا بنت زيها وعارفة البنات بتحب ايه اكتر منه .
_ طب ما تديني نصايح تانية 
زفرت مريم بضيق وتمتمت 
_ لاحظ اني مش بطيقها وان النصايح الي ادتهالك في الاول كانت عشان تشتريلي الرواية مش عشانها !
_ هشتريلك رواية تانية طيب .
إبتسمت مريم بإستحسان ثم هتفت 
_ إذا كان كده ماشي !
بدأت تجوب المكان بتفكير وهي تفتح درجا وتغلق آخر وتفتش محتويات الغرفة فهذه طريقتها في التفكير .. لكنها توقفت عندما فتحت أحدالأدراج ورأت جميع تلك القصاصات المرمية به بشكل عشوائي .. إلتفتت إلى رسلان وتساءلت پصدمة 
_ ايه ده 
إنتبه رسلان إلى فتحها لذلك الدرج المخصص لقصاصات بدور فأجاب ببساطة 
_ دي اه دي الطريقة الي بدور شقطتني بيها ! جلست على المقعد المجاور لمقعد والدها حول طاولة الطعام لتناول الإفطار وهي ترمق تلكالجالسة بين رسلان وعائشة بغيظ جلي في ملامحها .. إلتفتت إلى والدها وتساءلت بهمس 
_ هي مريم بتعمل ايه هنا ع الصبح 
أجابها أكرم وهو يقلب عينيه بملل 
_ نامت امبارح هنا جنب عائشة .
زفرت بدور بضيق وهي تتمتم بكلمات متذمرة لم يستطع أكرم أن يفهم منها شيئا لكنه قاطعها مغيرا مجرى الحديث 
_ على فكرة عندنا ضيوف النهاردة .
طالعته
بدور بإهتمام وتساءلت 
_ مين 
_ بنت عمتي جاية هي وبنتها وبنتها هتفضل هنا أسبوع .
هتفت بدور بإبتسامة حماس _ بجد طب إسمها ايه وعندها كام سنة احنا هنبقى صحاب أكيد !
قوس أكرم جانب شفتيه وتمتم ساخرا 
_ لا أكيد هتبقوا صحاب اوي وهتحبيها أكتر من حبك لمريم .
لم تصل تمتمته إلى بدور ولم تهتم بسماعها فقد بدأت بتناول الإفطار وهي تفكر في تلك الفتاة الجديدة التي ستنضم إلى قائمة صديقاتهاكما تظن فهي وبالرغم من كل ما مرت به مع خالها إلا أنها كانت تهرب من مشاكلها عبر تكوين صداقات مع هذه وتلك وهذا ما جعلهافتاة إجتماعية أكثر حتى من دينا .
وعلى ذكر دينا تذكرت بدور أنها لم تحادثها منذ الأمس لذا أنهت تناول إفطارها سريعا وإستأذنت لتصعد إلى غرفتها وتهاتفها وتتساءلعن أخبارها .. دخلت الغرفة وهي تبحث عن هاتفها حتى وجدته لكنها تفاجأت بعدد الإتصالات
الواردة والتي كانت جميعها من دينا .
شعرت بالقلق وإتصلت بها سريعا حتى أتاها صوتها من الطرف الآخر يقول 
_ صباح الخير .
هدأت بدور عندما سمعت صوتها ونبرتها الهادئة فأجابت بإبتسامة إرتياح 
_ صباح النور عاملة ايه يا دودي 
أجابتها دينا پغضب مخالف لنبرتها التي تحدثت بها لأول مرة 
_ مش كويسة خالص وكله بسبب ابن عمك !
ضحكت بدور بخفة ثم قالت بغباء مصطنع قاصدة إستفزاز صديقتها 
_ ليه هو عمل ايه ده حتى ولد غلبان وقع مع واحدة مش بتحس ..
تحدثت دينا بنبرة ساخرة 
_ بصوا مين الي بيتكلم .. البنت الي شايفة الراجل الي بتحبه زي أخوها .
زفرت بدور بضيق وقالت 
_ ممكن متجيبيش سيرة الموضوع ده تاني 
_ حاضر بس لما تفكيني من سيرة ابن عمك انت كمان .
هزت بدور رأسها سريعا تريد إنهاء الموضوع قائلة 
_ تمام تمام انت اتصلت كتير امبارح ليه أنا قلقت لما لقيت كمية الإتصالات دي !
_ كنت هسألك لو كنت عارفة مكان هناء لأنها اتأخرت امبارح اوي .
عقدت بدور حاجبيها بقلق وتساءلت بلهفة 
_ لا معرفش هي مرجعتش لحد دلوقتي 
_ ايوة بس هي بعتت مسج امبارح قالتلنا فيه منقلقش عليها لانها عايزة تفضل لوحدها .
سكتت لثوان قبل تردف 
_ بس أنا قلقانة عليها بصراحة مش عارفة هي ممكن تبات فين .. حتى ماما وخالو وجدو اتجننوا لما اختفينا احنا الاتنين ورا بعض .
فكرت بدور قليلا قبل أن تهتف 
_ أنا هطلب من أخواتي يدوروا عليها هما أكيد هيعرفوا يلاقوها !
أنهت المكالمة معها بعد دقائق ثم خرجت من غرفتها لتنزل إلى الأسفل ثانية لكنها تراجعت وهي ترى الدرجات الكثيرة التي ستضطر لنزولهافتكاسلت عن ذلك .
قادها فضولها إلى غرفة رسلان مستغلة وجوده بالأسفل وحالفها الحظ هذه المرة فوجدت غرفته غير مقفلة كالعادة .. إبتسمت بإتساع ثمدخلت ببطء وهي تراقب الرواق بحذر حتى لا يمسك بها أحدهم متلبسة .
أغلقت الباب فور دخولها ثم تنفست براحة قبل أن ترفع نظرها وتجول به حول الغرفة محتارة من أي نقطة ستبدأ .
إستنشقت هواء الغرفة الممتلئ برائحة عطره التي
يستخدمها فبحثت بعينها تلقائيا عن زجاجة العطر حتى وجدتها على مكتب صغير يحملبعض الأدراج .. إتجهت نحوه ومدت يدها إلى زجاجة العطر لكنها توقفت وهي تنتبه إلى ذلك الدرج بالمنتصف والذي لم يغلق بإحكام .
غيرت مسار يدها نحوه وفتحته بفضول لتتسع عيناها وهي ترى القصاصات التي كانت تضعها أسفل باب غرفته كل ليلة مرمية جميعا به .. رمشت بعدم تصديق تحاول التأكد من أن ما تراه حقيقي وليس مجرد وهم رسمه خيالها فقد كانت تظن بأنه يلقي بهم بعد قراءتهم بعدمإهتمام وذلك بسبب تجاهله لطلبها الدائم له بالإبتسام .
أعاد ذلك الحوار بعقلها فجأة ذكرى قريبة ظهر فيها وهو يخبرها بأنه سيبتسم في حالة واحدة وهي موافقتها وكان ذلك قبل معرفتها بأنهتقدم لطلب يدها .. ولكنها كانت تفكر في الرفض .
توقفت عند تلك النقطة وهي تسأل نفسها سؤالا لطالما تهربت من طرحه على نفسها .. لماذا لم توافق هل هي حقا تعتبره أخا لها كباقيإخوتها أم أنها
توهم نفسها بذلك حتى لا تعترف بمشاعرها أمام نفسها وأمام الجميع 
تنهدت وهي تنظر إلى تلك القصاصات بشرود وقد بدأت تفكر في أمر مشاعرها نحوه بكل جدية لكن تفكيرها لم يدم طويلا بسبب سماعهالصوت خطوات تقترب من الغرفة .. جالت بنظرها حول الغرفة تبحث عن مكان لتختبئ فيه لكنها لم تجد سوى الحمام .. وفور دخولهاوإغلاقها لبابه فتح باب الغرفة من قبله .
دخل رسلان وخلفه مريم التي أوصدت الباب وهتفت بحماس 
_ هتجيبلي الرواية امتى 
ألقى رسلان بنفسه على السرير مجيبا 
_ أول ما عمتو بثينة تجي هنسلم عليها ونطلع على طول لاني مش عايز افضل هنا كتير وهي موجودة .
_ أوك .
عقدت بدور حاجبيها بإستغراب وهي تلصق أذنها بباب الحمام وتستمع إلى حديثه متسائلة مع نفسها عن هوية تلك التي تدعى بثينة لكنهاربطت كلامه سريعا بحديث والدها وفهمت أن بثينة هذه هي إبنة عمته .. ولكن ما سبب عدم قبول رسلان بالبقاء في مكان هي موجودة فيه 
قاطع تفكيرها صوت رسلان الذي قطع الصمت قائلا بشرود 
_ مريم ..
تطلعت إليه مريم بترقب فأردف بنظرة تحمل بعض الرجاء 
_ مش هتتضايقي لو طلبت منك تقولي لبدور تجي معانا صح 
ظهرت ملامح الإعتراض على وجهها وهتفت بضيق 
_ وتجي معانا ليه ان شاء الله رسلان أنا مقدرة انك عايز تتجوزها بس انت كمان قدر اني مش بطيقها !
إعتدل رسلان في جلسته وتحدث بهدوء محاولا كسب موافقتها 
_ اتحمليها المرادي عشان خاطري أنا مش عايزها تحتك بعمتو بثينة وبنتها اوي .
زفرت مريم بملل ثم أومأت بعدم إقتناع 
_ اوك عشان خاطرك .
قالت ذلك ثم خرجت من الغرفة دون أن تضيف كلمة أخرى .. بينما كانت بدور بالداخل تلوي شفتيها بقرف متمتمة مع نفسها وهي تقلد مريم
_ بس انت كمان
قدر اني مش بطيقها ! على اساس انا الي مېتة في هواها يعني ! وبعدين يعني ايه رسلان مش عايزني احتك ببنت عمتوبثينة هو كان جوزي والا اخويا والا ابويا عشان يتحكم فيا !
_ يعني دلوقتي بس مبقتش أخوك 
إلتفتت بدور إلى مصدر الصوت بفزع فوجدت رسلان يستند على باب الحمام الذي لا تدري متى فتح وهو ينظر إليها بحاجب مرفوع وملامحساخرة .. إبتلعت ريقها وهي تبتسم بغباء وهمست 
_ أهلا !
يجلس جميع الشباب مع جدهم وآبائهم حول المسبح عدا رسلان وياسين .. ويجلس محمد بين إبنيه خالد وعدي اللذان لا يكفان عن تذكيرهبأفعال إبنة عمته وإلتصاقها به في الماضي محاولين إزعاجه .. لكن محمد رفض التخلي عن بروده وإستطاع الحفاظ عليه متجاهلا كلامهمحتى ذكر خالد لذلك اليوم الذي كادت فيه يمنى أن ټقتلها جاعلا محمد يعود بذاكرته إليه ..
كان ذلك قبل طلاقه ليمنى بسنتين تقريبا
.. عندما كانت العائلة مجتمعة كعادتها في موعد الغداء حول مائدة الطعام وكانت ليليا آنذاكتحمل بدور في بطنها وزوجة أحمد كانت لا تزال على قيد الحياة .
يجلس خالد بجانب ليليا ويضع يده على بطنها البارزة بفضول متمتما 
_ هي البنت الي في بطنك هتجي امتى انا زهقت من الولاد !
أجابه رسلان الجالس بجانبها من الجهة الأخرى وهو يبعد يده عن بطنها بغيظ 
_ وانت مالك 
تجاهله خالد وهو يعيد وضع يده على بطنها قاصدا إستفزازه فهو يعلم جيدا غيرته عليها لكنه هذه المرة إبتعد عنها رغما عن أنفه بسببأكرم الذي حمله بمشاغبة وأبعده عنها هاتفا بنبرة مرحة 

هز خالد كتفيه بلامبالاة فهو قد نال غايته بإستفزاز رسلان لكنه عاد إلى مكانه بعد ثوان ليكمل تناول طعامه كما يفعل الجميع في أجواءمخالفة للهدوء تملؤها شجارات الأطفال كالعادة فتجد الطعام متطايرا هنا وهناك بينهم ولا أحد يهتم .. وحتى الخدم تعودوا على ذلكالوضع .
لكن هذه المرة قاطع وصلة عراكهم صوت رنين الجرس بطريقة مزعجة .. أسرعت إحدى الخادمات لفتح الباب ثم عادت بعد دقائق وخلفهاسيدة إبتسم لها عبد الرحمن عند رؤيتها ووقف ليعانقها قائلا 
_ شادية ! عاملة ايه وحشتيني اوي يا حبيبتي !
بادلته شادية العناق مرددة بفرحة وإشتياق 
_ وانت كمان
 

تم نسخ الرابط