رواية للكاتبه رحمه سيد

موقع أيام نيوز

ها هو لأول مرة سيدخل شقته وحيدا وهي ليست بها او معه أخرج مفاتيحه وكاد يفتح الباب ولكن تسمر مكانه فجأة حينما رأى شقيقه يفتح الباب ويتحرك ليخرج على عجلة من أمره فتجمد عمار مكانه للحظات دون استيعاب وهو يرى شقيقه يخرج من منزله بسرعة وزوجته بالداخل بمفردهما !!!
يتبع 
الفصل الثاني 
توقف الزمن بالنسبة لعمار عند تلك اللحظة والشك جعل من عقله حجر صغير جدا أوشك على السقوط في هوة الچحيم ! 
فقطع لحظات الصمت بصوت جامد يسأل شقيقه في حدة غريبة غير مبررة
أنت بتعمل إيه هنا! 
فعقد الآخر ما بين حاجبيه بتعجب ولكنه أجاب ببساطة وملامح هادئة كانت الترياق لسم الشك الذي أنتشر بين شرايين عمار 
يعني إيه بعمل إيه!! كنت جوا باخد من امك حاجة 
فردد عمار ببلاهه وغباء
أمك هي أمك هنا 
فأومأ مصطفى مؤكدا
ايوه يابني جت بقالها نصايه كده أنت متعرفش ولا إيه 
فحاول عمار استدراك نفسه سريعا ليغمغم بصوت أجش
اه اصل انا كنت برا وقافل تليفوني 
اومأ له مصطفى برأسه وهو يربت على كتفه مغادرا
اشطا يا باشا استأذنك انا بقا عشان رايح مشوار مهم 
تمام ربنا معاك 
تمتم بها عمار بصوت يكاد يسمع لا يصدق إلى أن أوصله التفكير والشك تلك الحړقة الداخلية تزعزع كل شيء فيه حتى ثقته في شقيقه الوحيد الذي تربى على يداه ! 
أخذ نفسا عميقا ثم حاول رسم ابتسامة هادئة مجاملة يقابل بها والدته بالداخل وبالفعل دخل ليراها تجلس جوار جنة التي كانت منكمشة حول نفسها بصمت بملامح كانت عنوان للحزن الذي يحتل أعماقها 
فألقى التحية كعادته بصوت رخيم
السلام عليكم ازيك يا أمي 
ثم مال نحوها ليحتضنها في حنو لترد هي بابتسامة ودودة
الحمدلله يا نور عين امك انت عامل إيه 
الحمدلله كويس 
ابتلعت جنة ريقها بتوتر لا تدري ماذا تقول او تفعل حتى لا تشك والدته أن هنالك شيء قد حدث فنهضت قائلة
أنا هاقوم أعملك حاجة تشربيها يا ماما 
اومأت الاخرى بابتسامة هادئة لينهض عمار هو الآخر مرددا في نبرة حاول أن تبدو طبيعية
دقيقة وراجعلك تاني يا ست الكل 
خد راحتك يا حبيبي 
لاحظت بالطبع والدته من ملامح جنة وحديث عمار المقتضب وتجاهله أن يوجه لها أي كلمة على عكس عادته أن هناك مشكلة قد حدثت بالفعل ولكنها فضلت ألا تتدخل بينهما إلا إن أخذت تلك المشكلة مساحة من حياتهما أكبر من اللازم 
دخل عمار المطبخ خلف جنة التي كانت شبه متيقنة أنه سيأتي خلفها ولن يتوانى عن إفراغ مرجل غضبه الذي يغلي فوق رأسها ! 
وبالفعل كانت تعطيه ظهرها وتتظاهر بإعداد المشروب لوالدته رغم شعورها بوصوله خلفها وهو يلوي ذراعها خلف ظهرها ويقرب وجهه من اذنها هامسا بصوت حاد به لفحات الڠضب
انتي لسه هنا ليه مش قولتلك مش عايز أشوف
وشك إلا
بعد ال٣ ايام لما تقوليلي مين القذر اللي عملها 
رغم ملامحها المتشنجة أجابت بصوت خاڤت مخټنق بآثار البكاء التي لم تزول كليا عنها
أنا آآ كنت ماشيه بس مامتك جات كانت جيبالي حاجات ومعرفتش أعمل إيه فسكت! 
كاد عمار يتحدث ولكنه لمح والدته التي أوشكت على
عندما يتوتر فابتلعت ريقها بتوتر اكبر غم مرور الثلاث شهور على زواجهم 
وأفكاره لم تكن تختلف عن أفكارها كثيرا فبمجرد لمسة بالڠضب أخبرته كم يحتاجها كم يحتاج أن يضمها علها تخفف من سطوة ذلك الاحتراق الموحش داخله كيف لها أن تكون الداء والدواء في آن واحد !
ثم شعرت جنة بالدفئ الذي كان يحيط بها قد اختفى فجأة فانتبهت انه ابتعد عنها حين دخلت والدته وهي تمسك بهاتف جنة مشيرة لها وهي تقول
تليفونك بيرن يا جنة 
ردت جنة بنبرة ملجلجة وهي تمد يدها لتلتقط الهاتف منها
تسلميلي يا ماما تعبتك 
تعبك راحة يا حبيبتي انا همشي بقا عشان ألحق أحضر الغدا وكده 
قالتها والدته وهي تعدل من حجابها في استعداد لتقول جنة يتبعها عمار
ليه بس يا ماما ما انتي قاعده! 
فهزت رأسها نافية
لا يادوبي بقا امشي وكمان انا كنت جايه اجيب لجنة السمبوسة عشان قالتلي نفسها فيها فقولت اجبلها تاكلها معايا 
اقتربت منها جنة لټحتضنها بامتنان حقيقي دون أن تنطق بحرف ولكنها كانت في حاجة ماسة لأي شيء اي شيء ولو صغير يسقط على چراحها النازفة كالبلسم عله يخفف من ألمها قليلا 
ليتنحنج عمار بعدها متابعا
تمام يا أمي يلا هوصلك 
فهزت رأسها نافية لتخبره
لا يا حبيبي تسلم ده الشارع جمب الشارع اقعد انت اتغدى مع مراتك ربنا يهدي سركوا ويسعدكم 
وبالفعل خلال دقائق كانت والدته قد غادرت المكان فنظر عمار لجنة تلك النظرة الجافة الغاضبة التي تشعرها أنه تبدل أنه ليس عمار زوجها وحبيبها ابدا ليصرح بنفس الجفاف
هادخل اخد دش ياريت أخرج ملاقيكيش!
ثم استدار ليتوجه للمرحاض دون أن يعطيها فرصة الرد وهي لم يكن لديها ما تقوله اصلا بل تحركت كالصنم مسلوب الروح لتأخذ ملابسها ثم غادرت المنزل في نفس الصمت 
وصلت جنة منزل أهلها طرقت الباب طرقات خاڤتة بطيئة ليفتح لها والدها الباب بابتسامة بشوشة سرعان ما تحولت لعبوس وقد إنكمشت ملامحه في استنكار وهو يلمح حقيبة الملابس الكبيرة في يدها ليسألها
مالك يا جنة إيه اللي حصل 
فهزت رأسها نافية وهي تدخل لترمي حقيبتها أرضا وتجلس على أقرب مقعد متمتمة بشحوب يوازي شحوب وجهها
مفيش يا بابا حصلت مشكلة بيني وبين عمار وسبت البيت 
فعقد والدها ما بين عيناه بعدم فهم
ومن امتى لما بتحصل مشكلة بينك وبين عمار بتسيبي البيت 
فهزت كتفاها بقلة حيلة تحاول إبعاد عيناها الدامعة عن عيناه المتفحصة التي شابهت عينا الصقر في تلك اللحظات وقالت
اهو اللي حصل بقا يا بابا 
فأعاد والدها وجهها أمامه واستطرد في إصرار
لأ انا مش مطمن شكل المشكلة دي كبيرة انتي مش شايفة وشك عامل ازاي شكلك معيطه لما قايله يا بس! 
عضت على شفتاها تحاول كتم الدموع التي هددت بالإڼفجار فخرج صوتها مكتوما مرتعشا بخنقة البكاء وهي تهمس
وبعد فترة ليست بكبيرة رفعت عيناها المنتفخة من البكاء تسأله مفكرة وكأنها استدركت للتو عدم وجود والدتها
امال فين ماما مش شيفاها
فرد والدها بهدوء
عند ام نوال جارتنا ما انتي عرفاها بتحب تقعد ترغي معاها بالساعتين 
اومأت جنة برأسها دون رد ليداعب والدها أحمد وجنتاها بحنان أبوي ويردف متسائلا
برضة مش هاتهربي مني هاا احكيلي اتخانقتي مع عمار ليه 
لم تجد مفر من نسج خيوط حكاية من الخيال اضطرت للجوء لها فابتلعت ريقها وقالت
مفيش يا بابا سبب خناقة عادية عشان طلعت البلكونه بشعري وجارنا هو بيقول إنه مش كويس وكان واقف وشافني واتخانقنا وكلمة مني على كلمة منه سبت البيت ومشيت 
فسألها متعجبا
وعمار سابك تمشي غريبة يعني 
لتهز هي رأسها نافية تحاول إقناعه
لأ منا نزلت بعد ما هو نزل 
اومأ والدها برأسه وهو يستمع لها ثم سألها مستنكرا بلطف وكأنه يحادث طفلة
طب وهو أي واحدة تتخانق مع جوزها تسيبله البيت وتمشي اټخانقتوا يبقى الخناقة تفضل جوا بيتكم مش براه تخاصميه تبعدي اخرك اوضة الاطفال مش برا عتبة الباب 
ابتلعت ريقها بتوتر ثم هتفت بصوت مبحوح من البكاء
ما انتوا كنتوا واحشني كمان فبصراحة اتلككت عشان اجي اشوفكم 
حينها تبسم والدها قائلا برفق
ماشي يا شقية بتعرفي تضحكي
عليا بالكلام بس بقولك إيه معندناش
تم نسخ الرابط