بدور

موقع أيام نيوز


بطريقة مريبة جعلت هذه الأخيرة تبتلع ريقها بتوتر .
عاد رسلان ببصره إلى شادية ثم إلى هاتفه الذي مازال يعرض صورة المسمى بوالده وتحدث مخاطبا إياها 
_ بصراحة كده أنا دورت وراك قبل ما اجيلك وعرفت انك كنت بتشتغلي خدامة .. بس فجأة وفي يوم وليلة لقيت شغلانة حلوة وسبحان اللهبرضه في نفس اليوم بقى عندك فلوس وانتقلت من الشقة الصغيرة الي كنت عايشة فيها مع جوزك قبل ما ېموت للفيلا دي .

رفعت شادية حاجبيها بدهشة من معرفته لكل ذلك وزاد توترها وهي تنتظر كلامه التالي فإسترسل 
_ يا ترى الفلوس الي غيرت حالتك المادية جاتلك منين 
إبتلعت ريقها ثانية وهي ترى نظراته الحادة المصوبة نحوها فحاولت تصنع الڠضب حين صاحت 
_ انت جاي لحد بيتي عشان تسألني جبت فلوسي منين 
أومأ برأسه ببرود وعاد ليوجه شاشة هاتفه إليها قائلا 
_ أنا بس عايز اتأكد انك مخدتيهاش من الراجل ده مقابل انك تنتحلي شخصية أخته الي كانت شبهك اوي وتعملي الي هو قالك عليه وهوانك تتكلمي مع جوزها بشخصيتها وتقوليله انك اتجوزتيه عشان ټنتقمي لاخوك منه وانك عمرك ما حبيتيه وبعدها تقابليه مرة تانية وتقوليلهان بنته ماټت .
رفع حاجبيه في نهاية كلامه وأردف تحت صډمتها والتي لم تقل عن صدمة بدور 
_ مش هو ده الي حصل والا
أنا غلطان عاد إلى القصر بعد نصف يوم قضاه في المستشفى لإخراج الړصاصة من ذراعه ثم تضميدهلكنه تفاجأ عند دخوله بسيف وهو يجلس أمام الباب الرئيسي ينتظر قدومه .. إقترب منه ياسر قائلا بتعجب 
_ انت بتعمل ايه هنا 
أجابه سيف بإبتسامة صغيرة 
_ كنت بستناك يا عمو مش انت قولتلي استناني هنا ولما ارجع هنتعرف 
إبتسم ياسر تلقائيا وأجاب 
_ ايوة وعلى فكرة انت ممكن تناديني ياسر على طول بلاش عمو دي .
_ حاضر .
قالها سيف ببسمة لطيفة ثم أشار إلى المقاعد الموجودة بالحديقة قائلا 
_ هو احنا ممكن نقعد هناك 
أومأ ياسر برأسه وإتجه ناحية المقاعد وهتف وهو يشير لسيف بأن يتبعه 
_ طبعا تعالى ..
تبعه سيف بحماس وجلس بجواره ثم تساءل سريعا مشيرا إلى ذراعه المصاپة 
_ هي بټوجعك 
أجابه ياسر بصراحة 
_ ايوة بتوجعني اوي بس أنا بتحمل عادي ..
_ عايز ټعيط 
تفاجأ ياسر من سؤال سيف الغريب وتمتم بإستغراب 
_ لا ليه 
أجابه سيف وهو يلوي شفته السفلى بحركة بدت للآخر ظريفة 
رفع ياسر حاجبيه بدهشة بينما إسترسل سيف بإبتسامة صغيرة 
_ بس رحمة بتقول انه منطق غلط لأن الكتمان مينفعش بس احنا مجتمع مريض بنحاول نصعب كل حاجة على نفسنا مع ان الدنيا بسيطة!
إزدادت دهشة ياسر من الكلام الذي يسمعه لأول مرة من طفل صغير والذي لم يفكر فيه سابقا لكن إسم رحمة الذي أدرجه هذا الصغيرلفت إنتباهه فتساءل بإستغراب 
_ رحمة مين 
_ أختي .
تساءل ياسر بتعجب عندما إستوعب جواب سيف 
_ يعني انت ابن كريمة 
أومأ سيف برأسه بإبتسامة كبيرة مردفا 
_ عارف أنا بحب ماما اوي رغم انها بتعاملني ساعات كأني لسه صغير بس حاسس اني مش هعرف اعيش من غيرها .
_ اشمعنى 
_ لأنها دايما بتحاول تديني كل حاجة أنا نفسي فيها عشان مبقاش أقل من صحابي رغم اننا معندناش فلوس كتير ده غير انها طيبةوحنينة اوي ومش بس معايا لا هي كده مع الكل ..
تابع ياسر حديثه بإهتمام وهو يذكر قلقها عليه ويدها التي كانت ترتجف كثيرا عندما رأت إصابة ذراعه حتى تحولت ملامح سيف إلىالحزن فجأة وأردف 
_ بس زمايلي ساعات بيتريقوا عليا ويقولولي اني ابن خدامة .. هو شغل ماما عيب يا ياسر 
قال الأخيرة بنبرة قريبة للرجاء وهو ينظر إلى ياسر فشعر هذا الأخير بغصة في حلقه بسبب حديث كتلة البراءة الجالسة بجواره ونفى برأسهفواصل سيف كلامه ببسمة 
_ عارف .. هما الي مش عارفين هي بطلة في نظري ازاي ماما اشتغلت هنا عشاننا وعشان نكمل دراستنا ومسمحتش لرحمة انها تشتغلوتسيب دراستها واختارت انها تتحمل مصاريفنا كلها لوحدها .
إزدادت إبتسامته فجأة وهو يختتم كلامه قائلا 
_ ماما إنسانة عظيمة فعلا !
شعر ياسر بدمعة تكاد تطل من بين جفنيه والندم قد بدأ يأخذ مكانه في قلبه خاصة عندما قارن بين ما فعله هو في حياته وبين ما فعلته تلكالتي كان يعتبرها مجرد خادمة تنفذ ما يطلب منها فقط .. شعر في تلك اللحظة أن الله قد أرسل إليه هذا الصغير ليعلمه معنى الأخلاقولينبهه عما كان عليه من تكبر على الناس .
إبتسم بحزن ثم خاطب سيف قائلا 
_ عارف عايز لما يبقى عندي ولد اجيب واحدة زي مامتك تربيه
عشان يبقى شبهك كده !
إبتسم سيف مرددا بعفوية 
_ ممكن تجيب رحمة تربيه رحمة برضه شبه ماما وهي عسل اوي وهتحبها هي بس بتبقى شريرة سيكا لما حد يضايقني أنا والا ماما .
ضحك ياسر قائلا 
_ مع انها تبان كيوت ومش شرسة بس المظاهر خداعة !
ضحك معه سيف بخفة ثم تفاجأ بياسر يقول بنبرة مترددة 
_ هو أنا ممكن احضنك 
طالعه سيف لثوان ثم أومأ هاتفا قبل أن يلقي نفسه بين أحضانه 
_ طبعا !
إحتضنه ياسر بحب نما في قلبه ناحية هذا الطفل سريعا وإستمع إليه وهو يردف 
_ احنا هنبقى صحاب أصلا صح 
أومأ ياسر مجيبا ببسمة هادئة 
_ صح !
_ يامن طلب ايدك للمرة التالتة يا دينا .
قالها عامر وهو يجلس مقابل دينا بغرفة الجلوس ومعهم رشاد وهناء وعلا وظن بأنه سيتلقى الرفض هذه المرة أيضا لكن دينا فاجأت الجميعحين قالت 
_ أنا موافقة .
إبتسم عامر وكذلك علا ورشاد بإرتياح ثم تساءل 
_ يعني اقولهم يجوا بكرة 
أومأت برأسها موافقة فصاحت علا بفرحة 
_ أخيرا عقلت يا بنتي وهتتجوزي واطمن عليك في بيت جوزك .
إبتسمت لها دينا بتكلف ولم تعلق ثم عادت لتشرد في ما سمعته من حديث بين خالها وجدها والذي علمت من خلاله ما حدث لهناء قبلفقدانها الذاكرة ..
إنتبهت هناء لشرودها فإقتربت منها وسألتها بهمس 
_ مالك يا دينا انت لسه مش عايزاه 
نفت دينا برأسها وهي تحاول أن تكبح دموعها ألما على حال أختها فإستفسرت هناء بإستغراب 
_ امال ليه حاسة انك هتعيطي 
إبتلعت دينا ريقها ثم أخذت نفسا عميقا وأجابت كاذبة 
_
أنا بس مش عارفة افرح وانت في الحالة دي ..
إستغربت هناء كلامها ثم إبتسمت قائلة 
_ هو أنا صحيح مش فاكراك بس أنا ببقى كويسة لو شوفتك مبسوطة .. يعني افرحي عادي ومتشغليش دماغك بمشكلتي .
طالعتها دينا بحزن لكنها أرغمت نفسها على الإبتسام قائلة 
_ حاضر .
_ تجي نلعب 
_ يلا ..
كعادتهم كل مساء إجتمع كل من بالقصر في قاعة الجلوس وتفاجأ محمد بوجود يمنى فعلا والتي ستستقر هنا بأمر من والده حتى تكونقرب إبنتها وكذلك أبنائها .. حاول حينها الإنسحاب من بينهم لكن عبد الرحمن أوقفه قائلا حين رآه يستعد للذهاب إلى غرفته 
_ رايح فين 
إستدار محمد إليه مجيبا إياه بهدوء 
_ رايح اوضتي محتاج حاجة 
_ لا بس هتقعد هنا معانا .
ظهر الضيق على وجه محمد وتمتم بإعتراض 
_ بابا صدقني أنا مش قادر اقعد هنا طول ما هي موجودة .
رفع عبد الرحمن كتفيه بلا مبالاة ثم همس وهو يمسك بذراع إبنه ليجبره على الجلوس ثانية 
_ طب متبصلهاش عادي ركز بس في الي لازقة في ابنك هناك .
جلس محمد رغما عنه وهو ينظر حيث يشير عبد الرحمن فوجد ليلى تجلس بجوار خالد وهي تكاد تلتصق به وتحادثه وكأنه صديق قديم .. تضايق من إلتصاقها به وكاد يفتح فمه بنية الحديث لكنه توقف وهو يرى نظرات يمنى المصوبة نحو خالد وقد بدا الضيق على وجهها هيالأخرى .
أبعد نظره عنها سريعا ثم إلتفت إلى والده قائلا بسرعة 
_ أنا آسف يا بابا بس مش قادر ..
وقف عند نهاية كلامه وإتجه إلى غرفته سريعا قبل أن يسمح لعبد الرحمن بالإعتراض فتنهد هذا الأخير ثم همس ببسمة 
_ اهرب يا محمد اهرب بس برضه هترجعلها وأنا متأكد من ده !
أما عند خالد وليلى فقد كان يجلس بجانبها غير مهتم لثرثرتها معه وكأنها إعتبرته صديقها منذ أن حدثها لأول مرة فقط ليستغلها لإشعالغيرة بدور .. لكنه كان ينظر إلى رسلان الجالس بجوار أكرم ويبدو أنه يحدثه في شيء مهم ثم حول أنظاره إلى بدور الجالسة مع عائشةويمنى قبل أن يعود بهم إلى ليلى وهتف موقفا إياها عن ثرثرتها 
_ انت عارفة ان رسلان خطب بدور 
نفت ليلى برأسها بإستغراب وتساءلت 
_ لا هما مخطوبين يعني 
_ لا أصل بدور لسه موافقتش مش عارف ليه رافضاه مع انه راجل كويس من كل النواحي وميترفضش ده غير انه بيحبها اوي ..
كان يقول ذلك محاولا جعلها تشعر بالشفقة ناحية رسلان وتقرر مواساته ثم تراهم بدور معا فتشعر بالغيرة لتكتشف أنها تكن له بعضالمشاعر فتوافق على الزواج منه .. لكنه تفاجأ عندما كادت ليلى ترد على كلامه بأكرم يتنحنح ليلفت إنتباه الجميع قائلا 
_ كنت عايز اقولكم بما ان كلكم هنا اني فكرت في ان كتب كتاب بدور ورسلان هيبقى الأسبوع الجاي .. ايه رايكم 
شعرت بدور بالخجل وهي ترى نظرات الجميع مصوبة نحوها وهتف عبد الرحمن بإستحسان 
_ أنا شايف انه مناسب اوي .
سعد الجميع بالخبر بعد معرفتهم بموافقة بدور بينما إلتفتت ليلى إلى خالد بحاجب مرفوع 
_ مش كنت بتقول انها رافضاه 
أومأ خالد بدهشة ثم أردف 
_ مكنتش عارف انها وافقت .
قال ذلك ثم إبتسم براحة لأجل إبن عمه لكنه تفاجأ بليلى تتمتم ببساطة 
_ وافقت لأنها
غبية .. هو في واحدة عاقلة هتوافق تكمل حياتها مع واحد ابن حرام 
إتسعت عينا خالد پصدمة من كلماتها التي خرجت من فمها بكل بساطة وإحتقرها في هذه اللحظة كثيرا لكنه تساءل بفضول 
_ وانت عرفت منين الكلام ده 
_ من ماما عادي .
أومأ برأسه ثم أشاح بوجهه بعيدا عنها وهو يشعر بالتقرف لوجودها بجانبه وندم أشد الندم على ما كان يخطط له سابقا كان يفكر فيالوقوف والإبتعاد عنها لكنه وجدها تضع يدها على ذراعه قائلة 
_ مالك انت زعلت 
رمقها بنظرة إحتقار وأجاب قبل أن يقف متجها بعيدا عنها 
_ لا خالص !
من جهة أخرى كان ياسر يعبث بهاتفه بملل عندما إنتبه إلى سيف الذي كان يطل برأسه على قاعة الجلوس مشيرا إليه بالقدوم ولحسن حظهبأنه لم ينتبه إليه أحد غيره .
إتجه إليه وإبتعد به عن قاعة الجلوس قليلا ثم تساءل 
_ انت بتعمل ايه هنا 
أجابه سيف بحماس 
_ قلت لماما اني عايز افضل هنا لاني عايز اشوفك مرة تانية أصل انت صاحبي الوحيد والوحيد تقريبا الي مش بيعايرني بشغل ماما !
إبتلع ياسر ريقه بتوتر ثم أشار إلى الأعلى قائلا 
_ طب .. تعالى نقعد فوق في اوضتي .
_ يلا .
قالها الصغير ثم تبعه
 

تم نسخ الرابط