رواية هوس بقلم ياسمين عزيز
المحتويات
في الأربعين....شهقت أروى بصوت عال و توسعت عيناها بدهشة
و هي تجيبها مش باين عليه و الله كنت فاكرة
عنده بالكثير ثلاثين سنة....إنفجرت ندى بالضحك و هي تشير نحوها باصبعها
شكلك مسخرة و الله مكنتش عارفة إنك هبلة كده...
هو في واحدة مش عارفة جوزها عنده كام سنة .
لکمتها أروى على ذراعها بقوة لتتوقف الأخرى عن الضحك يعني كنتي بتشتغليني يا سوسة ماشي طب إستني بس لما فريد ييجي و انا حقله إنك قلتي عليه عجوز و شعره أبيض بس هو بيصبغه كل شهر و إنه كان لازم يتجوز واحدة في سنه مش واحدة قد بنته.... ندى بتوتر زائف نهار إسود إنت ألفتي الحوار داه كله إمتى على فكرة انا كنت بهزر معاكي..أبوس إيدك كله إلا أبيه فريد داه.... يالهوي....فجأة توسعت عينا أروى پصدمة و هي تنظر
ثم وضعت يدها على فمها لتكتم شهقتها و هي ترفع
إصبعها مشيرة ان فريد هو من يقف وراءها...قبل أن
تنقل بصرها من جديد نحو ندى التي تجمدت من شدة الخۏف حرفيا و شحب لون وجهها حتى كاد يغمى عليها لدرجة انها لم تستطع الالتفات نحو الباب لتتأكد من كلامها لټنفجر أروى ضحكا عليا و هي تتحدث من بين ضحكاتها....أروى بضحك طب إشربي يا قمر انا كمان كنت بهزر معاكي....ندى بضحك بعد أن تمددت على السرير لتأخذ أنفاسها التي سحبت منها حرام عليكي مقلبيني زي ما إنت عاوزة بس بلاش ابيه فريد... حرام عليكي انا لسه صغيرة على القلب و السكر بس طلعتي جامدة جدا في المقالب..... بصراحة انا كمان بحب الهزاز
كام يوم كئيبة و مش بتطلع من أوضتها عشان زعلانة هي و هشام اخويا....
أروى زعلانة هي و هشام طيب ليه
ندى مش عارفة بس هو بقاله فترة مش بيتكلم
معاها تقريبا هي عملت حاجة زعلته... أصله هو.... بيحبها...قالتها بهمس و هي تستوي في جلستها و تنظر لباب الغرفة خوفا من وجود أي أحد .أجابتها أروى ياستغراب بيحبهاهو هشام بيحب
أروى طب و هي...
ندى تؤ...معتبراه اخوها بس انا عارفة السبب الحقيقي اللي مخليها مش بتبادله مشاعره...ضيقت أروى حاجبيها و هي تنظر لهذه الصغيرة التي لايخفي عنها شيئ في هذا المنزل فهذا ملاحظته منذ مجيئها فندى هي تقريبا تعلم اخبار جميع سكان القصر باعتبارها أصغر فرد و بعدها لجين...طب و إيه هو السبب تساءلت أروى بفضول...ندى اصل إنجي مش عاوزة تقعد هنا في قصر الأشباح داه پتكره تحكمات جدي و أنكل كامل..عندها حق انا كمان بستنى إمتى أكبر عشان اتجوز و اخرج من العيلة دي بس انا قلقانة عشان لو عرف جدي إن هشام عاوزها حيخليها تتجوزه ڠصب عنها ....بهتت أروى من كلام الصغيرة التي أكملت كلامها ثم إلتفتت لتحمل و تلاعبها.. يبدو أن هناك الكثير من الأشياء التي لا تعرفها عن هذا المكان...لوت شفتيها بتهكم و هي تتمتم بداخلها وإزاي حعرف
طيب أسيبك انا دلوقتي.. اااه نسيت اقلك طنط سناء عاوزة تشوف لوجي...هي مستنياكي تحت .أروى بأيجاب طيب خمس دقائق و حنزل .في برلين......ركضت سيلين في بهو المستشفى لتدلف الاسانسير
يركض خلفها...
وضع قدمه بين بابي المصعد لينفتح مرة أخرى و يدخل رامقا تلك الصغيرة بنظرات غاضبة و هي
يقولثاني مرة متنزليش من العربية كده و تجري
خليتي شكلي وحش و أنا بجري وراكي انا و القاردز.....سيلين بصوت لاهث سوري بس كنت عاوز يشوف مامي جدا...بدأ غضبه يهدأ لكن في داخله لم يعجبه ماقامت به فهي حالما علمت بأن والدتها إستيقظت
للارقام المضيئة التي تعلن إقتراب وصول المصعد نحو الطابق المنشود...
فتح الباب لتركض بسرعة بلا مبالاة نحو الغرفة...
توقفت قليلا لتستطيع تهدأة نفسها و فتح الباب بهدوء
تعلقت
عيناها بتلك المرأة التي كانت ممدة على
السرير الأبيض تنظر لها بابتسامة مشتاقة حنونة ...أعز مخلوق على قلبها مستعدة لتلقي نفسها في الڼار لأجل إبتسامة واحدة من شفتيها...إندفعت نحوها لتلقي بنفسها بين أحضانها لتبدأ
بالبكاء بصوت عال.. ربتت هدى على ظهر
طفلتها
الصغيرة بيدها محاولة تهدأتها قائلة بصوت ضعيف
إهدي يا حبيبتي... انا الحمد لله بقيت ..... كويسة...رفعت سيلين رأسها لتأخذ يدها و تقبلها عدة قبلات و هي تستنشق رائحتها الحنونة التي إشتاقت لها حد
المۏت....إنتبهت لدخول أحد ما للغرفة و بدون أن تلف تراه عرفت هويته
من خلال رائحة عطره المميزة التي ملأت الغرفة....توجه سيف بخطوات هادئة نحو عمته ليقبل
جبينها قبلة طويلة و هو يهمس بصوت متحشرج
من فرط تأثره وحشتيني اوي..... حمد لله عالسلامة...هدى و قد غلبتها دموعها الله يسلمك يا حبيبي...
إزيك...إبتعد عنها سيف لينتقل للجهة الأخرى ليجلس
على كرسي قريب منها و هو لايزيح نظره عن عمته التي تغيرت ملامحها كثيرا بعد غياب سنوات كثيرا
قال و هو يرسم إبتسامته الساحرة ععلى شفتيه
انا بقيت كويس ياطنط بعد ما بعثتيلي أحلى
هدية جاتني في حياتي.....
قالها و هو ينظر نحو سيلين التي كانت منشغلة
بتمسيد يد والدتها.... إبتسمت هدى بضعف و قد فهمت مقصده لكنها لم تستطع أن تجيبه أمام إبنتها..
بعد ساعة كاملة قضتها سيلين تثرثر بأحاديث
عشوائية مع والدتها التي إكتفت بالإستماع إليها هي و سيف خرجا بعد ذلك من الغرفة تاركين هدى لترتاح
بعد أن طمئنهما الطبيب عليها....
سيلين بتذمر و هي ترفض مغادرة المشفى انا مش عاوز يروح.... مش عاوز يسيب مامي لوحده....
سيف و هو يسير ممسكا بيدها قائلا بصوت منخفض حبيبي مينفعش نقعد معاها اكثر من كده
عشان هي محتاجة ترتاح متنسيش إن عمليتها كانت
صعبة... و إلا إنت مش عاوزاها تطلع من المستشفى قريب.....سيلين بنفي لا طبعا انا عاوز مامي يطلع النهاردة...
سيف بضحك لا النهاردة صعب بس متقلقيشانا مرتب كل حاجة...خرجوا من المستشفى ثم توجهوا مباشرة نحو الفيلا...
توقف سيف ليتحدث مع كلاوس و إيريك ليأمرهما
بتوفير طائرة طبية خاصة لتنقل عمته هدى لمصر
و معها الطاقم الطبي المشرف على عمليتها... أمرهما
بدفع أي مبلغ يطلبونه المهم فقط الإسراع بتنفيذ جميع الإجراءات....
بعد دقائق قليلة كان يصعد الدرج الرخامي متوجها
نحو غرفة الصغيرة...طرق الباب ثم دخل بعد أن سمع
صوتها الرقيق تسمح له بالدخول.... أطلق صفيرا
مرحا و هو يراها تجلس على السرير تحاول التعامل مع ذلك الهاتف الذي أهداها له بالأمس...جلس بجانبها ثم مال قائلا هو الجميل زعلان مني و إلا إيه
حركت رأسها بنفي و هي تبتعد عنه قليلا
ثم عادت لتنشغل بالهاتف...عندها شعر سيف بتشنج
أعصابه بسبب تجاهلها له لكنه حاول بكل جهده
أن لا يبين ذلك... رسم إبتسامة مزيفة على شفتيه
ثم مد يده ليأخذ الهاتف منها هاتفا بنبرة لينة
محاولا إرضائها سولي... حبيبة قلبي انا عارف و مقدر تعلقك بوالدتك و إنك عاوزة تقعدي معاها
بس الدكاترة منعوا الزيارة لأكثر من ساعة
عشان صحتها...أصلا هي حتقضي بقية اليوم نايمة عشان المهدئات اللي بتاخذها يعني وجودك معاها زي عدمه.... بس إحنا إن شاء الله بكرة الصبح حنرجع
نزورها تاني.... يلا إفردي وشك و خليني اشوف
الضحكة الحلوة اللي بتنور يومي....اضاف و هو يداعب وجنتها باصبعه.... و إلا إنت عاوزة
طنط هدى تزعل مني عشان زعلتك...
سيلين بخفوت و هي تحاول التراجع بجسدها
حتى تتجنب لمساته لا انا مش زعلان...
إستقام سيف من مكانه كاتما غضبه و هو يلاحظ
بوضوح نفورها منه وهذا مالم يستطع تقبله رغم إعترافه بداخله انها من الطبيعي ان لا تتقبله بهذه السرعة فهي
مازالت لم تتعود عليه و لاتعرفه جيدا...
توقف عن السير أمام الباب ليتحدث دون الالتفات إليها حتى لا ترى ملامحه الغاضبة التي تجعل منه بحق مخيفا لأقصى درجة متتأخريش عشر دقائق
و تكوني تحت عشان نتغدى... مع بعض..ضغط في آخر كلامه و كأنه يؤكد لنفسه أنها من المستحيل أن يسمح لها بأن تكون أي شيئ بدونه... و أنها أصبحت جزء لا يتجزأ منه....أغلق باب الغرفة وراءه و هو يبتسم إبتسامة مچنونة
متمتما بخفوت سبحان الله حتى إسمك مؤخوذ من إسمي... سيف و سيلين....في قصر عزالدين....
دلفت ندى لغرفة نوم والديها لتجد والدتها إلهام تجلس
على كرسي تسريحتها تمشط شعرها الأصفر بعناية
ثم ترفعه بتسريحتها الأنيقة المعتادة....
تمددت على السرير الضخم و هي تراقب حركات
والدتها باعجاب... تلك السيدة التي تجاوز عمرها الخمسون سنة لكنها تظهر اقل من عمرها بعشر سنوات...بفضل إعتناءها بنفسها و بجمالها الخارجي
نظرت إلهام لإبنتها التي كانت تحدق فيها ببلاهة قائلةفي إيه يا ندى مالك بتبصيلي و كأنك اول مرة تشوفيني
ندى باعجاب أصلك حلوة اوي يامامي و كلما بتكبري بتحلوي أكثر.... و انا عاوزة لما أكبر أبقي زيك...ضحكت إلهام بغرور و هي تلقي نظرة اخيرة على نفسها في المرآة..وقفت من مكانها ممسكة بزجاجة
عطرها الفاخرة قائلة عاوزة إيه يابكاشة هاتي من الآخر...عاوزة فلوس اكيد و هو إنت إيه اللي حيخليكي تيجي اوضتي غير الفلوس...ندى و الله مش عاوزة حاجة ياماما بس انا كنت
في أوضة أروى من شوية و لاحظت حاجة غريبة....إستدارت نحوها إلهام قائلة باهتمام حاجة إيه
ندى بتوتر مش عارفة ياماما بس شفت هي تقريبا قاعدة في اوضة لوجي...انا شفت الدولاب مفتوح
و في هدم كثيرة ليها هناك.... و كمان كل حاجتها على التسريحة برفيوم و ماكياج... كل حاجة....سارت إلهام نحو الفراش لتجلس بجانبها هاتفة
بخبث لا إنت تحكيلي كل حاجة شفتيها بالتفصيل الممل....حكت لها عما رأته في غرفة لوجي و أكدت لها أن أروى لا تقطن في في غرفة زوجها فهي طبعا عندما ذهبت لرؤيتها منذ قليل بحثت عنها أولا في غرفة نوم فريد و عندما لم تجدها إتجهت نحو غرفة الصغيرة....
زمت إلهام شفتيها المصبوغتبن بلون وردي هادئ هاتفة بخبث مممم بقى الحكاية طلعت كده.... احنا كنا عارفين إن فريد إتجوز عشان يسكت مامته دي
كانت بتزن عليه ليل نهار عشان يتجوز بنت أختها
الطماعة اللي إسمها سميحة....بس انا كنت متأكدة إنه مستحيل حيقبلها كزوجة بدل مراته اللي ماټت الله يرحمها.... المهم يلا روحي إنت على أوضتك عشان تزاكري الامتحانات قربت.....قبلتها ندى ثم غادرت لتبحث عن شيئ آخر تمضي
به وقتها فهذه تقريبا وظيفتها في القصر...لهذا تطلق عليها إنجي لقب النمامة الصغيرة...
بعد دقائق قليلة
متابعة القراءة