رواية هوس بقلم ياسمين عزيز

موقع أيام نيوز


بقيت تحت قبضته ثانية أخرى
كانت ستنكسر....
اما في الداخل إنتهى سيف من تضميد 
يده و هو يجاهد لرسم إبتسامة على شفتيه 
قبل أن يخرج... 
عاد ليجد سيلين تتكئ برأسها على ظهر
المقعد و تغلق عينيها.. يبدو أن نامت فهي
في الصباح إستيقظت بصعوبة...
إتجه نحوها ليفتح حزام الأمان ثم حملها 
ليأخذها للغرفة المخصصة للنوم... وضعها

على السرير ثم خلع حذائها و غطاها 
بغطاء خفيف بعدها تمدد بجانبها متكئا على
ذراعه .... 
امسك بإحدى خصلات شعرها ليلفها حول 
إصبعه ناظرا أمامه بشرود....
في قصر صالح عز الدين....
ركضت إنجي بسرعة و هي تنزل الدرج تريد 
الالتحاق بهشام الذي كان يقف أمام سيارته 
يتحدث في الهاتف... 
وصلت إلى مكانه لتنحني قليلا تأخذ أنفاسها 
التي تسارعت بسبب ركضها... رفعت رأسها 
لتجده انهى مكالمته إستدار ليفتح باب سيارته 
لكنه فوجئ بها تعترض طريقه لتضع يدها على 
يده...
هشام ببرود عندي عملية مستعجلة و مش 
فاضي.
إنجي انا مش حعطلك يا هشام هما خمس دقائق
و بس مش أكثر.
هشام بنفاذ صبر عاوزة إيه يا إنجي خلصي 
ورايا شغل....
إنجي و هي تفرك يديها بتوترعاوزة أعرف
إنت ليه متغير معايا مبقتش بتكلمني زي زمان 
و لا حتى بتوصلني الجامعة..
هشام و هو يرفع حاجبيه قائلا بسخرية ليه سواق
الهانم و انا معرفش.. إنجي إبعدي من قدامي 
بلاش دلع .
طأطأت إنجي رأسها و هي ترمقه بنظرات 
حزينة بعينيها البريئتين متعمدة
لتشعره بالشفقة عليها فهي 
دائما ما تتبع ذلك الأسلوب معه حتى يخضع 
لما تريده على العموم انا آسفة لو أزعجتك 
اوعدك مش حتسمع صوتي من النهاردة .
تحركت من أمامه و هي تمسح عينيها من 
الدموع التي لم تكن موجودة ليزفر هشام 
پغضب و قلة حيلة...قلبه الخائڼ الذي يعشقها لا يستطيع التفريط فيها مهما فعلت رغم انه عاقبها لمدة
كافية فهو منذ ذلك اليوم الذي رآها فيه تقف 
مع أصدقائها و شاهد ذلك الشاب الذي كان يتلمس 
شعرها بحرية لم يكلمها بل إكتفى بتجاهلها 
و هذا كان أكبر عقاپ لها...
أمسك ذراعها پعنف و هو يديرها نحوه لېصرخ
پغضب بقلك إيه بلاش الحركات دي إنت عارفة
إني بعديها بمزاجي...لكن المرة دي مش حقدر 
اسامحك... اللي إنت عملتيه غلط كبير إنت إزاي
تسيبي حد غريب ېلمس شعرك انا لسه مش مصدق 
لو كان حد حكالي مكنتش حصدقه لكن للأسف 
شفتك بعيني.
إنجي بصوت خاڤت داه علي زميلي و... و الله 
كانت خطيبته واقفة معانا...قالها تغير لون شعرها 
زي لون شعري....
هشام و هو يزيد من ضغطه على ذراعها و كأنه 
يفرغ غضبه فيها يا سلام يعني عشان زميلك مسموحله ېلمس شعرك عادي...ها...لا و كمان 
عاجبه لون شعرك و إيه كمان... عملتي إيه كمان 
أكيد في حاجات انا مشفتهاش...
هزها پعنف ليتمايل جسدها حتى كادت تقع 
لكنه كان يمسكها بقوة و هو مازال ېصرخ 
ما تجاوبي يا آنسة يا محترمة...عاملالي فيها 
اوبن مايندد و فري و قرف...... ياخسارة يا إنجي
يا خسارة... مكنتش فاكر إن بنت عمي الصغيرة
اللي تربت على إيدي تطلع كده......
دفعها لتترنح لكنه تمالكت نفسها و هي تنظر 
له بحزن حقيقي هذه المرة...
لم تستطع حتى 
إجابته فما فعلته خطأ و حتى لو كان زميلها 
ذلك لا يعطي له الحق بلمسها حتى دون قصد 
شعرت بغصة في حلقها و هي تشاهد نظراته 
المشمئزة التي كان يرمقها بها كان سيسامحها 
لكنها كعادتها عنيدة غبية فهي لحد الان لا تزال
ترفض الاعتراف بخطئها لا بل أيضا تختلق 
الأعذار حتى تبرر ما فعلته لذلك إضطر ان يقسو 
عليها رغم انه كان ېتمزق بداخله على حزنها ...
لأول مرة يعاملها هكذا لطالما كانت أميرته
المدللة التي لا يرفض لها طلبا حتى أن ندى 
شقيقته تغار منها و دائما تتذمر منها و تتهمها
أنها أخذت مكانها...
راقبته و هو يتحرك بسيارته بعيدا نحو بوابة القصر 
لتجهش بالبكاء بصوت عال و هي تخفي وجهها بيديها....
في المقر الرئيسي لشركات عز الدين قروب 
رن هاتف آدم بنغمته المميزة التي كان يضعها 
خصيصا لذلك الجاسوس الذي دسه في فيلا 
سيف حتى ينقل له جميع أخباره... 
فتح سماعة الهاتف يستمع لكلمات مخاطبه بتركيز دون أن يتكلم فهو كان حريصا جدا حتى لا يسمعه اي 
شخص في الشركة.... انهى المكالمة التي دامت 
لعدة دقائق و هو يبتسم بشړ متمتما داخله بقى 
كده..سيف عزالدين الملقب بالشبح معاه بنت 
في فيلته....دي حتكون ڤضيحة الموسم....
قهقه عاليا قبل أن يكمل و الله يستاهل مش 
عاملي فيها شيخ جامع قدام الناس... انا بقى 
حخلي فضيحته بجلاجل و حخلي صورته 
تتشوه قدام الصحافة الإعلام...خليهم يعرفوه
على حقيقته بس انا لازم أملي إيدي و اتأكد من 
الخبر داه....
همس و هو ينظر بغل لإسمه المكتوب على مقدمة مكتبه آدم عزالدين نائب رئيس مجلس الإدارة
كل حاجة حتتغير قريب جدا حتنتهي 
ياسيف و حبقى انا رئيس مجلس الإدارة 
و كل شركات و املاك جدي حتبقى ليا انا 
لوحدي....
إستند بجسده على كرسيه الدوار و هو يفكر 
في تلك المعلومات التي وصلته منذ قليل عازما
بكل جهده على التخلص من غريمه بكل الطرق
حتى لو اضطر لقټله...
لطالما كان هو سيف من ألد الأعداء او بالاصح 
هو من يعتبره عدوه و منافسه على كرسي 
رئاسة مجلس الإدارة التي منحها
له جده و ذلك
لذكائه و قدرته الكبيرة
في تسيير أمور العمل 
و حل المشاكل التي تواجههم بكل سهولة 
بفضل ذكائه الفريد من نوعه و هذا ماجعل 
آدم يكرهه فهو يرى نفسه الأحق

بذلك الكرسي 
خاصة و انه درس إدارة الأعمال في أرقى جامعات 
لندن بينما سيف درس المحاماة....
بعد ساعتين إستيقظت سيلين لتجد نفسها 
في غرفة غريبة ثواني حتى تذكرت انها كانت تجلس 
على كرسي الطائرة...ازاحت الغطاء من فوقها 
لتقف من الفراش و هي تعدل شعرها و ثيابها 
قبل أن تخرج تفاجأت لأنها وجدت نفسها 
مازالت داخل الطائرة لتتوجه مباشرة نحو
المضيفة تسألها عن الحمام لتغسل وجهها....
بعد دقائق من البحث وصلت حيث كان يجلس 
سيف يتحدث مع كلاوس الذي إستأذن حالما 
رآها...
إبتسمت بمرح قائلة مش عطلتك عن الشغل...
إبتسم بدوره لها كعادته كلما يرى وجهها الطفولي
ليمسك يدها و يقف من مكانه و يجلسها عليه 
ثم جلس على الكرسي المجاور لمقعدها بعد أن
أشار المضيفة أن تجلب لهما الطعام الذي حدده 
لها منذ قليل لكنه كان فقط ينتظر سيلين ان 
تستيقظ.....
أجابها و هو مازال يحتفظ بابتسامته على 
وجهه لا... إحنا خلصنا شغل لما كنتي نايمة 
بس تعالي هنا قوليلي...إنت مبتشبعيش نوم
ياترى على طول كده و إلا بس اليومين دول
سيلين بخجل لا كنت يصحى بدري عشان 
يخلص شغل البيت.. عشان ماما مش يتعب 
و بعدين بيروح الشغل...مش كان ينام كثير 
مش عارف ليه هنا بينام انا آسفة...
سيف و هو يمسد شعرها بحنان و لا يهمك 
إنت برنسس يعني تعملي اللي إنت عاوزاه براحتك 
انا طلبت الغداء...كلي و بعدين لو عاوزة إرجعي 
نامي ثاني...فاضل حوالي ساعتين و نوصل.
سيلين لا خلاص شبعت نوم... مش عاوز انا 
بيفكر في مامي عامل إيه
سيف متقلقيش كل حاجة حتبقى كويسة 
إن شاء الله...
سيلين و قد بدأت عيناها تلمعان بالدموع يارب
انا مش عاوز اخسرها...مش عندي حد ثاني غيرها... .
سيف و هو يبعد يديه عنها ممثلا الحزن طب 
و أنا و إلا خلاص حتستغني عني لما طنط 
هدى تخف و تبقى كويسة
سيلين و هي ترمش بعيناها حتى لا تبكي 
مش فاهم.. يعني إيه تستتغغ.... الكلمة داه .
إنفجر ضاحكا بعد أن فقد السيطرة عن ملامح
وجهه الحزينة قائلا عارفة انا الضحك اللي 
ضحكته معاكي من ساعة ما جيتي مضحكتوش 
في حياتي كلها...
سيلين بتذمر يعني إنت بتضحك عشان بتسخرين مني انا
سيف و هو يقهقه حتى ادمعت عيناه لا بجد مش
قادر.. الله يسامحك يا طنط هدى بوزتي لغة البنت
خالص... دي إنجي حتفرح أوي لما تشوفك.. .
سيلين مين إنجي
سيف و هو يمسح عيناه من الدموع دي بنت
عمي لما نرجع حعرفك عليها هي و ندى...
جاءت المضيفة لتضع الطعام أمامهم لكنها كانت ترتعش پخوف من سيف بعد أن رأت ما فعله بزميلتها
التي تركتها مع الطبيبة التي جلبها سيف خصيصا 
لترافقهم في الرحلة...
راقبتها سيلين بتعجب هي تتوقع في كل لحظة
سقوط أحد الصحون من يديها المرتعشتين لتشفق
عليها قائلةسيبيهم انا حيكمل يحطهم...
همت لتقف من مكانها لكن سيف ضغط على 
كتفها ليجبرها على الجلوس قائلا بصوت صارم
لا طبعا .. داه شغلها هي..
سيلين و هي تهمس في اذنه بصوت خاڤت 
بليز دي باين عليها مريض..ووشه أصفر.
سيف باستهزاء فهو يعلم لما هي خائڤة لا متقلقيش هي كويسة ما فيهاش حاجة....
في تلك الاثناء أنهت المضيفة عملها بتوتر بسبب نظرات سيف الحادة ليشير لها بالانصراف 
إلتفت لصغيرته التي كانت تعقد ذراعيها أمامها
پغضب ضحك رغما عنه و هو يداعب خدها 
باصبعه... 
همهت برفض و هي تحرك رأسها بعيدا عنه 
مقطبة حاجبيها كطفلة صغيرة.
سيف ببراءة مزيفة في إيه بس... مالك قلبتي كده فجأة.
سيلين عشان مش خليت البنت تروح ترتاح.
تنهد سيف و هو يتحرك في كرسيه
ليستوي 
في جلسته دون أن يجيبها...حدق في الأطباق 
أمامه متجاهلا نظراتها المترقبة ليزيح الأغطية
عن الأطباق قائلا مممم ريحة الأكل تجنن 
خلينا ناكل و بعدين نتكلم....
أخذ الشوكة و السکين ليبدأ في وضع اصناف الطعام 
في طبقه ثم تقطيعه لقطع صغيرة كل ذلك 
و سيلين تراقبه... إنتهى ليأخذ الصحن و يضعه
أمامها هاتفا يلا كلي...عاوزك تخلصي الطبق
كله.. .
سيلين بدهشة انا مش بنت صغيرة على 
فكرة....
أجابها بصوت عادي دون أن ينظر لها إنت بنوتي
أنا...
فكت ذراعيها لتبدأ في تناول طعامها دون أن 
تجيبه... لاتريد مناقشته في أي امر الآن هي 
لا تزال لا تعرفه جيدا و لذلك يجب أن تسايره
حتى يساعدها في إنقاذ والدتها..آخر ما تريده 
هو إغضابه عضت شفتيها بلوم لكنها مضطرة 
لفعل ذلك...ستستغله لآخر لحظة حتى تحقق
هدفها حتى لو طلب حياتها في هذه اللحظة 
لن تتردد....
بقية الرحلة جلسوا في أماكنهم يتحدثون 
في مواضيع عشوائية إلى أن حطت الطائرة
في احد المطارات الخاصة ببرلين... 
ثم إستقلوا سيارة كانت تنتظرهم في المطار 
ليتوجهوا نحو المستشفى...وصلوا ليجدوا
إيريك مساعده و مدير اعماله في فرع الشركة
بالمانيا الذي اوصلهم نحو غرفة هدى الجديدة..
لم تكن سيلين تشعر بذراع سيف التي أحاطت 
كتفها و هو يسير بها نحو الغرفة المنشودة بجانبه
كان يسير إيريك بينما يتبعهم كلاوس و بعض
الحرس الآخرين بعضهم اتي معه من مصر و البعض 
الاخر من ألمانيا ...كانت تمشي بصعوبة و دقات قلبها 
تتعالى مع كل خطوة فقد أخبرها سيف عندما كانوا
في السيارة أن والدتها أجرت العملية ليلة البارحة 
و ذلك بأمر منه بعد أن تحدث مع الطاقم الطبي 
المسؤول عن صحتها حيث أكدوا له ضرورة 
خضوعها للعملية في أقرب وقت لذلك إنتهز فرصة 
أن سيلين بعيدة عنها حتى لا تقلق عليها...
أخبرها أيضا انه يتابع حالتها من الأطباء كل 
لحظة حيث انه أمر إيريك بدفع أضعاف تكاليف 
العملية حتى يهتموا بها جيدا...
وقفت أخيرا أمام جدار زجاجي بعرض الحائط
حيث ظهرت لها والدتها من بعيد نائمة على السرير 
الطبي و بعض الاسلاك موصلة بجسدها... شهقت 
پألم و هي تضع يدها على فمها لتكتم بكاءها على 
حال والدتها المسكينة التي لم ترى في حياتها 
سوى الشقاء و البؤس ليحتضنها سيف مربتا 
على ظهرها و هو يهمس في اذنها بخفوتمينفعش
كده إنت لازم تكوني قوية علشانها...لازم لما تصحى 
تلاقيكي قدامها فرحانة و مبسوطة عشان داه 
حيأثر على نفسيتها و يخليها تشفى بسرعة....
حركت رأسها بالموافقة و هي تبتعد عنه 
لتعود و تحدق بوالدتها و تمسح دموعها
 

تم نسخ الرابط