الدهاشنة بقلم آية محمد رفعت
المحتويات
يتقرب مني وانا اديته الفرصة بس مكنتش متوقعة إنه يعمل فيا كده..
وبكت بحړقة حينما تذكرت هذا اليوم المشؤم فقال بحزن
_ليه عملتي في نفسك كده يا رؤى
نهضت عن الفراش لتقف مقابله وهي تطلع له پصدمة من سؤاله الذي يفترض به معرفة الاجابة فخرج صوتها متقطع كحالها
_كنت بحاول أنساك ومعرفتش.
_لو كان في امل بسيط إني أرجع واعتذرلك وأحاول أرجع علاقتنا زي الاول فالأمل ده انتهى بعد اللي حصلي يا بدر..
واخفضت عينيها أرضا ثم اسرعت بالخروج من أمامه فأغلقت الباب من خلفها لتعود لغرفتها محطمة القلب وإن كان فؤادها قد داوه حضنه الدافئ..
اسندت جسدها العلوي على سور الشرفة ويدها تعبث بخصلات شعرها القصير بعض الشيء بابتسامة حالمة به حديثه القليل ومظهره الرجولي أفتك بها تلاشت تلك الابتسامة حينما لمحت عينيها الدبلة التي ترتديها بأصبع يدها فاستوقفتها اللحظة لتعاتبها بأنها تعتبر على ذمة رجل أخر أنبت روجينا نفسها ألف مرة على السماح لنفسها بالتفكير لغيره فهمست بصوت مخټنق بالدموع
وأبعدت تلك الخصلة المتمردة على عينيها پغضب فشعرت بأنها مشتتة وبحاجة لأن تهتدي لضالتها لذا أسرعت لهاتفها فجذبته لتضغط على زر الاتصال الخاص به ورفعته بلهفة لسماع صوته عل قلبها يهتدي على من ينبغي عليها حبه عوضا عن هذا الغريب الذي اقتحم اساورها العالية..
_خير أيه اللي فكرك بيا
اتاه ردها الحاد
_وأنت اللي بتسأل يعني!
قال بابتسامة ساخرة
_مش لما أعرف خطيبتي فين أبقى أسأل انتي مش واخدة بالك من تصرفاتك يا روجينا ولا أيه!
سحب الغطاء عن جسده ثم نهض ليجلس على المقعد القريب منه وهو يجيبها بتعصب شديد
_انتي مش شايفة نفسك غلط لما تسافري كده من غير ما تعرفيني وأدرى من بدر انك مسافرة اسكندرية!
قالت باستغراب
_وأخد اذنك ليه ما أنا استأذنت من أخويا ووافق انت عايز تتحكم فيا من دلوقتي يا أحمد..
_لا لسه ممتلكتش الحق اللي يخليني اتحكم فيكي ولكن على الاقل أعرف انتي راحة فين وبتعملي أيه عموما استمتعي برحلتك ونتكلم لما ترجعي يا بنت عمي.
واغلق الهاتف وهو يحاول ابتلاع كلماتها الحادة يشعر بأنه لم يعد يملك المقدرة على استكمال تلك العلاقة المخادعة ولكنه مجبور على ذلك فكيف سيفعل ذلك بابنة عمه بعد خطوبة دامت لاكثر من ثلاثة أعوام أفاقأحمد من شروده المطول على صوت رنين باب الشقة فنهض ليفتح الباب فتفاجئ بها تقف من أمامه باسدال الصلاة الذي يزيدها جمالا وحشمة أشارت له حور بضيق
أجابها بابتسامة عابثة
_راحت عليا نومة في الوقت الغلط اوعي تكونوا مكملتوش حسابي.
أجابته سريعا
_لا طبعا أنا شلتلك اكلك.
وأشارت له على باب الشقة قائلة
_يالا تعالى..
اتبعها بعدما أغلق الباب فولج من بعدها ليردد بمرح وهو يتأمل السفرة
_ده الحبايب كلهم هنا أهو..
التهم عبد الرحمن قطعة الدجاج من أمامه وهو يجيبه بمزح
_حد يفوت أكلة من إيد حور!
جاهد لرسم ابتسامة مخادعة ليخفي بها غيرته الغامضة فوزعت انظاره لماسة التي تجلس جوار يحيى يطعمها بيديه ويا للعجب تتناول طعامها بقبول تام له فإقترب أحمد منهما وهو يشير ليحيى بعدم فهم فابتسم وهو يجيبه بكلمات مبهمة لماشة ولكن تفهمها أحمد ومن حوله
_حور صممت مننزلش الا لما نتغدى بس أحنا هناكل كل الاكل ده وننزل الملاهي زي ما اتفقنا صح يا ماسة
أجابته بحماس وفرحة
_ ومش هنأخدطارق الۏحش معانا صح يا يحيى
تعالت ضحكات الجميع ليجيبهايحيى وهو يمسح حبات الارز على جانبي شفتيها
_صح يا روح يحيى يلا خلصي أكلك بسرعة
قبل ما ينزل ويشوفنا.
التهمت قطعة الدجاج بيديه بسرعة وهي تشير له بانصياع فاتسعت ابتسامة أحمد الذي أومأ برأسه ليحيى وهو يخبره
_الحمد لله إنها تخطت المرحلة دي.
بادله الابتسامة ثم انشغل بها فنادته حور مجددا
_انت لسه واقف يا احمد اقعد.
جلس على المقعد التي أشارت اليه ثم جذب أحد الأطباق وكاد بأن يضع قطعة من الدجاج وقطعة من المعكرونة فأسرعت اليه حور لتجذب الطبق من أمامه ثم وضعت الطاجن الذي يغطيه السلوفان قائلة بسخرية
_انت نسيت الاتفاق ولا ايه
حرر السلوفان وهو يردد بعدم تصديق
_أيه ده لحقتي تعملي ورق العنب بالسرعة دي..
وضعت تالين السلطة من يدها على الطاولة وهي تجيبه بدلا عنها
_هي راضية تقعد من ساعتها ولا حتى تخليني أساعدها دي من ساعة ما رجعت من الامتحان وهي مطلعتش من المطبخ..
قال عبد الرحمن وهو يلوك طعامه بتلذذ
_لا بس بصراحة تسلم ايدها الأكل مالوش حل.
ابتسمت بفرحة
_الف هنا.
ثم اتنقلت نظراتها المتلهفة اليه لسماع رأيه هو الأخر فغمس احمد الشوكة في أحدى لفات ورق العنب الشهي وتذوقها ومن ثم رفع وجهه مقابلها ليشير برأسه بابتسامة عذباء سعدت للغاية بما أخبرتها بها عينيه فانتبهت حور لمراقبة تالين لها فشعرت وكأنها ترتكب ذنب أو جرما ما فالهت ذاتها بتناول الطعام ومن ثم أسرعت بلم الاطباق حينما انتهوا جميعا من تناوله فأستأذن يحيى بالإنصراف واصطحب ماسة لسيارته أما عبد الرحمن فجلس جوار أحمد بالصالون بانتظار الشاي الذي وعدتهم تالين بإعداده..
بالمطبخ..
تهربت حور من نظرات تالين المحاصرة لها فاشغلت ذاتها بتنظيف الأطباق وتركتها تحضر الشاي وضعت تالين ملعقة من السكر في كل كوب وانتظرت الشاي حتى ينضج فقالت حور بلهفة
_احمد بيحب الشاي يكون فيه معلقتين سكر مش واحدة..
تخلت تالين عن صمتها قائلة بشك
_أنتي مركزة مع كل حاجة بيحبها أحمد بطريقة مش معقولة يا حور!
تلاشت ابتسامتها وتطلعت لها بارتباك شديد فقالت بتلعثم واضح
_لا بس عملته الشاي مع بدر ويحيى اكتر من مرة فأكيد عارفة كل واحد منهم بيشرب بكام معلقة سكر!
رفعت يدها على كتفيها بحنان ثم قالت بابتسامة هادئة
_يا حبيبتي أنا مقصدش حاجة لاني عارفة إن مستحيل يكون في بينكم حاجة خصوصا إن احمد مرتبط بروجينا من سنين وفرحهم بعد شهرين أنا بس بحذرك عشان تخدي بالك ممكن روجينا تفهم اهتمامك ده غلط وأنتي نيتك صافية ومش بدماغك حاجة.
شعرت بأن هناك سوط حاد يجلدها بقوة فتماسكت وهي تجيبها ببسمة تتعلق بها بتشبث
_عارفة وأنتي على فكرة بتتكلمي صح.
ثم أشارت لها كمحاولة للتهرب من ذاك الألم الطاعن لروحها قبل أن ېلمس قلبها العاشق
_الحقي الشاي غلي.
واغلقت حور النيران ثم حملت البراد وسكبت منه بالأكواب لتصفن بكلماتها من جديد حتى انها لم تنتبه للكوب الذي إمتلأ لأخره بالشاي الساخن فصړخت بها تالين فمن غفلتها تركت البراد لتمسك الكوب فسقط على قدميها ليهتز جسدها بقوة من شدة الألم فأهتز الكوب الذي تحمله ليتساقط على يدها فتعالت صرخاتها المتوجعة ومن خلفها تالين التي تحاول ابعاد الاسدال عن قدميها حتى لا يلتصق بجلدها المحروق هرول عبد الرحمن للداخل واحمد الذي تساءل بفزع
_في أيه
اجابته تالين پبكاء
_البراد حړق أيدها ورجليها.
دون عقل أو تفكير فيما سيظنه من حوله هرع إليها ليجد الچروح بالغة للغاية لم يتردد لحظة واحدة وحملها ليدلف بها للحمام المجاور للمطبخ فوضع الماء على يدها ومن ثم جذب الدش المتنقل ليسقطه على قدميها فتعلقت بجاكيت بذلته الأسود وهي تبكي پألم لم يتحمل رؤيتها هكذا فقال
_لازم نروح المستشفى الحړق مش عادي.
قالت بصوت مرتعش
_لا بلاش مستشفى بالله عليك.. أنا خاېفة.
أجابها عبد الرحمن من خلفها بحزم
_مينفعش يا حور ده حړق مش لعب عيال..
وأشار لاحمد بجدية
_هاتها يا أحمد عما أجيب العربية تحت العمارة.
أومأ برأسه وحملها بخفة من جديد فأسرعت تالين لتفتح الباب اليه ثم صړخت به قائلة بدموع
_استنى يا احمد لما اغير هدومي وأجي معاكم.
اشار لها وهو يتخطى الدرج
_خليكي هنا وانا هبقى اطمنك بالتليفون.
واستكمل خطاه السريع للاسفل فوضعها بالمقعد برفق وحذر ثم صعد جوار عبد الرحمن وعينيه لم تتركها لحظة واحدة..
كلما يزحف القطار من بلدتها ېتمزق قلبها اربا وكأنها تقترب من حتفها أغلقت تسنيم عينيها المتورمة من أثر عدم النوم وهي تحاول التقاط انفاسها على مهل تخشى رؤية خالها البغيض مجددا تمقت صلة القرابة التي تحتمها على قبوله بالاجبار مازالت تلك الرجفة القاسېة تكتسح جسدها حينما تتذكره فكيف إذا رأته!
عادت تلك الذكرى لتهيم عليها من جديد تذكرت حينما ولجت لغرفة والدتها وقالت تلك الفتاة البالغة من العمر خمسة عشر عاما
_ماما كنت عايزة أقولك على حاجة ومش عارفة أقولك ازاي
انتبهت الأم لصغيرتها فكفت عن ترتيب الفراش ثم وقفت مقابلها لتبدأ بتخمنياتها
_قولي يا تسنيم في أيه... اوعي تكوني وقعتي فلوس الدرس زي الشهر اللي فات انتي عارفة ان ابوكي مبعتلناش فلوس الشهر ده!
أشارت بإصبعها الصغير
_لا يا ماما مش كده.
قالت الاخيرة
_امال في أيه
أجابتها پخوف من ردة فعلها
_خالو يا ماما بيبصلي بصات وحشة اوي وكل ما يشوفني يحضني ويمشي ايده على جسمي بطريقة وحشة.
التهبت عين الأم لتلكزها بذراعيها بقوة وبتعصب شديد قالت
_اخرسي قطع لسانك عيلة منحطة ومشوفتيش تربية خالك ده هو اللي مربيكي وبيعتبرك زي بنته عيب تتكلمي عنه كده بيحضنك زيك زي مريم بنته..
ودفعتها على الفراش وهي تصرخ بها بشراسة
_ بطلي هبل واوعي تقولي الكلام ده لابوكي لما يتصل تولعي الڼار بينهم خالك ده هو اللي فتحلنا بيته لما ابوكي سافر ومتخلاش عننا عيب عليكي تتكلمي عنه كده.
وتركتها وغادرت الغرفة لتنهمر الدموع على وجنت الصغيرة والآن تنتقل الدموع على وجنة تلك الشابة البالغة من العمر الثانية والعشرون عاما انقبض قلب تسنيم حينما توقف القطار فهبطت واتجهت لمنزلها ومع كل خطوة تخطوها يرتحف قلبها خوفا من رؤياه وحينما وصلت للمنزل حمدت الله كثيرا حينما اخبرتها زوجة خالها بأنه بالخارج وسيعود بعد قليل فاستأذنت من والدتها بالذهاب لوالدها لتساعده بعمل الحقول بعدما علمت بأنه ذهب منذ ساعة ولم يعد أبدلت ثيابها لجلباب رجالي أسود ثم احكمت الشال الابيض لتخفي ملامحها واتجهت سريعا للحقول لا تعلم بأن من منحها تفكير معاكس عن طبيعة الرجال ستلقاه الآن وربما يكون المسكن لذاك الۏجع الغائر!.
بمنزل كبير الدهاشنة.
انتهى آسر من تبديل ثيابه ثم أغلق الخزانة ليصفف شعره بعناية انتبه لانعكاس صورة والدته بالمرآة فاستدار وهو يردد بابتسامة مشرقة
_ست الكل اللي وحشاني.
وضعت راوية القدح الذي يحمل البخور على الكومود ومن ثم اقتربت منه لتخبره بضيق مصطنع
_ست الكل أيه بقا انت من ساعة ما جيت وأنت مقضيها بالاسطبل ودلوقتي غيرت هدومك ونازل مفيش وقت ليا أصلا..
ترك ما بيديه وهرع اليها لينحنى على ركبتيه ومن ثم طبع قبلة
متابعة القراءة