الدهاشنة بقلم آية محمد رفعت

موقع أيام نيوز


لو كنت مسافر أو مش بالبيت سامعة 
هزت رأسها والدموع قد تسربت على وجنتها لشعورها بالحرج الشديد أمام أبناء عمها فولجت لغرفتها تختبئ مما حدث ليتها تعلم أن أحيانا تلك القسۏة يصطحبها خوفا وحب حتى ولو غلفها شراسة الحديث. 
لطف يحيى الأجواء حينما أشار على المائدة 
_أيه يا جدعان الكلام أخدكم والأكل زمانه برد. 

وجذب أحد المقاعد ليعاون ماسة على الجلوس ثم جلس مقابلها أما حور فجلست جوارها من الناحية الأخرى لتطعمها بحنان جلس بدر مقابلهم ومن جواره جلس آسر الذي أشار لأحمد بدهشة 
_ما تقعد واقف ليه 
قال وهم بالتحرك تجاه غرفتها
_هشوف روجينا وراجع. 
أشار له آسر بتفهم فإن كان قد قسى عليها لابد من وجود من يمنحها العاطفة ويوضح لها سبب هذا الجفاء حتى لا

تزداد الأمور سوءا وضع يحيى الهاتف على الطاولة بضيق شديد فسأله آسر باستغراب 
_في أيه يا ابني مالك 
قال بضجر 
_عبد الرحمن قالي ساعة وهجيلك عشان نطلع المطر وبقاله أكتر من ساعتين مختفي وموبيله مقفول. 
قال بهدوء 
_هتلاقيه في مكان مفيهوش شبكة أو يمكن يكون بيطمن على والدته. 
ثم عاتبه قائلا 
_وبعدين أنت مكنش ينفع تطلبه في مشوار زي ده أنت مش عارف ظروف والدته وإنه مش بيتحرك من جنبها! 
تعلقت نظرات يحيى ببدر الذي تصنع إنشغاله بتناول الطعام فقال وهو يمضغ ما بفمه 
_بمناسبة موضوع والدته ما تحاول يا آسر تقنع الكبير إنه يسمحلها تقعد بالسرايا أنت عارف ظروف شغلنا وبيضطر يسافر كتير ويسبها ومهما كان هي بالنهاية مرات عمنا ولا أيه 
هز رأسه وهو يشير له 
_حاضر هكلمه. 
منحه ابتسامة صافية فقاطعهم الجرس الذي دق مرتين متتاليتين فأسرع بدر بفتحه ليجد ابن عمه من أمامه يخبره بضيق 
_أنتوا هنا وأنا قالب الدنيا عليكم فوق وتحت. 
أشار له يحيى بالدخول قائلا 
_حماتك بتحبك تعالى. 
ولج عبد الرحمن للداخل وهو يردد بسخرية 
_مهي طول عمرها بتحبني. 
واتسعت ابتسامته حينما وجد آسر يجلس من أمامه فرفع كفيه ليصافحه بحرارة مرددا 
_الدنيا بتبقى بؤس هنا من غيرك وعهد الله. 
تسللت الإبتسامة على ثغره لتمنحه وسامة لا تليق سوى به 
_اركن بس جنب أخواتك وبعدين نشوف حكاية البؤس دي. 
إنصاع له وجلس جوار بدر ليقابل حدة نبرةيحيى 
_أنت يالا مش قولتلي ساعة وهكون عندك الساعة بقت ١١والطايرة هتوصل ١٢ونص هتحرك أمته! 
أجابه بعدما جذب الطبق وأحد الملاعق ليبدأ بتناول طعامه 
_الا معاه ربنا ميقلقش يا عمهم أحنا وحوش الأسفلت ساعة زمن وهتكون قدام المطار واقف وماسك يافتة عريضة مكتوب عليها ويلكم تو إيجبت. 
تعالت الضحكات الرجولية فيما بينهما ليشير لهم آسربصرامة مصطنعة 
_لا كلام على طعام يا سادة إنجزوا عشان تلحقوا مشواركم. 
وضعت حور قطع الدجاج المشوي مقابل كلا منهما فأشار لها عبد الرحمن بتلذذ 
_أنا مجيش هنا وأكل حاجة من أيدك الا وتبقى خطېرة يا حور بجد تسلم أيدك. 
ابتسمت وهي تضع له المزيد 
_الف هنا. 
رد عليهبدر بضجر 
_إمروعوها علينا بقا معتش هتعملنا وكل خالص. 
لوت شفتيها پغضب فلكزه آسر ثم قال بإعجاب 
_الأكل بيتكلم عن نفسه إتشملل إنت ياخويا وهاتلنا طباخة فيف ستار! 
تعالت ضحكات حور پشماتة أما يحيى وعبد الرحمنتعلقت نظراتهم الحزينة به ليلاحظ كلا منهما تهجم معالمه الحاقدة على تذكره لما يخصها دقائق مبسطة وانتهى عبد الرحمن من طعامه فأشار ليحيى بتتبعه ليغادروا سويا للمطار. 
طرق أحمد الباب مرة تلو الأخرى قبل أن يدلف للداخل وجدها تجلس على الفراش أمام الشرفة التي تحده الصمت والحزن يغلفها معا بحث بعينيه عن أحد المقاعد ومن ثم جذبه ليجلس جوارها تحلى بالصمت قليلا ثم قطعه قائلا بصوته الرخيم 
_آسر خاېف عليكي متزعليش منه أنت المفروض تاخدي بالك من مواعدك بعد كده إحنا هنا مش في بلدنا يا روجينا فواجب علينا نأخد بالنا من تصرفاتنا خصوصا لو أنتوا البنات! 
تجمع ڠضب العالم بحدقتيها فالتفتت إليه ثم قالت بإندفاع 
_لو جاي تبررله اللي عمله فوفر نصايحك يا أحمد لإني مش شايفاها غير تسلط هو على طول مستقصدني. 
منحها نظرة مطولة قبل أن يفيض به الصمت فقال بتريث 
_أنتي ليه شايفة الناس كلها كده يا روجينا 
ابتسمت وهي تجيبه ساخرة 
_هما فين الناس دول هما مش شايفين غيرحور وتصرفاتها المثالية حتى أنت كل ما بتتكلم دا عملت كذا وكذا معرفش مدام معجب بيها أوي كده مخطبتهاش وخلصت ليه. 
احتدت نظراتها الغاضبة ليجيبها بحدة وإنفعال 
_وآسر ويحيىمعجبين بيها برضه!! هي اللي بتجبر الكل يحترمها ويخدوها مثال أما أنتي فصدقيني رصيدك قرب يخلص عند الكل بسبب طريقتك وأسلوبك ده. 
ونهض عن المقعد ثم كاد بالخروج فاستوقفته حينما نادته بصوت باكي 
_أحمد.
الټفت تجاهها فاستطردت بدموع غلبت صوتها الباكي 
_أنا مش وحشة كده على فكرة. 
قرص أرنبة أنفه وهو يحاول التحكم في انفعالاته ثم دنا منها من جديد ليجلس على الفراش مرعيا مسافة أمانة بينهما ليردد بابتسامة أشرقت وجهه الرجولي 
_عارف أنت جواك طيبة وبراءة صعب حد يكتشفها بسبب لسانك ده. 
ابتسمت رغم الدموع التي تتساقط من عينيها فاستكمل بحنان 
_محدش بيكرهك يا روجينا بيكروهوا تصرفاتك وهنا الفرق إنك بايدك تغيري نفسك وتكوني أحسن منحور نفسها. 
أومأت برأسها بتفهم فمنحها ابتسامة صافية ثم أشار لها قائلا بمزح 
_طب يلا نلحق العشا لحسن كان في طاجن بامية باللحمة لو طلعت لقيته اتنسف هتعملي غيره. 
ضحكت وهي تعقد حجابها جيدا لتخرج معه فما أن رآها آسر حتى أشار لها بالجلوس لجواره ليضع الطعام لجوارها وهو يهمس لها 
_متزعليش مني أنتي عارفة أني عصبي بس حنين. 
منحته نظرة مشككة فتعالت ضحكاته ليجذب السکين الصغير المجاور اليها ثم أشار بتحذير 
_شايفة غير كده 
ضحكت روجينا وهي تشير له بالنفي فشاركها الابتسامة لتتناول طعامها بفرحة وسعادة. 
وصل عبد الرحمن بزمن قياسي فولجوا للداخل بانتظارهم مرت الدقائق سريعا إلى أن وصلت الطائرة الخاصة بهم نهض يحيى ليقف باستقبالهم وما أن لمحهم حتى لوح بيديه ليتمكنوا من إيجاده انتبه عبد الرحمن لإشارة يحيى فعلم بأنهم باتوا أمامه فأنضم له وقف مشدوها للحظة بتلك الفاتنة التي تدفع العربة بصعوبة تجاهه ليتها ترفع عينيها عنها ليتمكن من رؤية لونها الساحر نعم يعلم بأن بنات خال آسر فاتنات ولكن ليس لهذا الحد والأجمل من كل ذلك الحجاب الذي ترتديه رفعت تالين عينيها السوداء لتتطلع تجاههما ويليتها ما فعلت أصابته بسهام عشق النظرة الأولى القاټل فسلبت نبضات قلبه ببطء وكأنه يرى غائب يعرفه منذ زمن بعيد! 
ابتسمت وخفق قلبه مع تلك البسمة وكأنها تمنحه الحياة وقفت تتبادل الحديث مع يحيى إلى أن أشار بيديه تجاهه قائلا 
_ده عبد الرحمن ابن خالي فؤاد الله يرحمه. 
تلقائيا انتقلت نظراتها تجاهه فقالت بابتسامتها الرقيقة 
_أزي حضرتك يا أستاذ عبد الرحمن 
ما الذي سيتمناه أكثر من ذلك ابتسامتها ومنادته بصوتها الرقيق اتسعت ابتسامته وهو يتأملها شاردا فأخفضت عينيها عنه في حرج أسرع يحيىإليه فهزه وهو يناديه بذهول 
_عبد الرحمن! 
انتصب بوقفته وهو يجييه بعد استعادته لإتزانه 
_أيوه. 
ضحك يحيى ساخرا
_أيوه أيه يا عم أنت سرحت في أيه تالين بتكلمك وأنت في دنيا تانية! 
تحولت نظراته إليها وهو يردد بحرج 
_أنا بخير الحمد لله حمدلله على سلامتك. 
أجابته بابتسامة صغيرة 
_الله يسلمك. 
تساءل يحيى باستغراب 
_هو أنتي جيتي لوحدك ولا أيه 
أشارت له بالنفي وعينيها تبحثان عن شقيقتها الصغرى من خلفها 
_لا رؤى كانت ورايا! 
ظهرت تلك الفتاة من أمامهما شعرها الأصفر يتدلى على كتفيها كعباد الشمس الساطع عينيها الزرقاء رغم جمالهما يكسوها طبقة لامعة من الدمع الخارق كانت ترتدي بنطال أسود اللون طويل وقميص وردي دنت لتصبح قريبة منهما فأشار لهم يحيى تجاه باب الخروج
_اتفضلوا العربية بره. 
كادت تالين بأن تدفع العربة من جديد فجذبها عبد الرحمن منها وهو يشير لها بابتسامة هادئة
_عنك.. 
وجذب العربة منها ليدفعها تجاه باب الخروج حتى وضع الحقائب بالسيارة ثم صعدت الفتيات بالخلف ومن ثم انطلقت السيارة للعمارة التابعة لعائلة الدهاشنة. 
بالصعيد وخاصة بسرايا المغازية. 
كانت تجلس على المقعد القريبة من الهاتف الأراضي تستمع بحرص لوعد ابنها القاطع بقرب الاڼتقام من فهد دهشان فقالت بلهجة حملت كل معاني الحقد 
_أمته يجي اليوم اللي أشوفه فيه مزلول ورأسه في الأرض. 
استمعت

لما قاله بابتسامة رضا طاف بها الشړ حينما أخبرها بخطته التي ستضربه في مقټل. 
ومن خلف الستار كانت هناك أعين تتلصص بمراقبة ما يحدث باستمتاع هدفه الأساسي اضرام النيران بين الطرفين فإذا خمدت كشف عن قناعه هو لذا كان يحرص على امتداد العداء بين المغازية والدهاشنة!
بشقة الفتيات. 
كان يتفحص بدر ساعة يديه بين الوقت والأخر فأغلق الحاسوب ثم وجه حديثه لآسر المنشغل بمراجعة الحسابات
_ما كفايا كده ونكمل بكره أفضل. 
رفع عينيه عن الملف الذي يراجعه ثم قال 
_وفيها أيه لما نسهر ونخلصهم النهاردة. 
وبنظرات شك قال باستنكار 
_وبعدين مالك كده مش على بعضك من ساعة ما قولتلك تعالى نراجع الحسابات مش طبعك يعني أنك تحب تأجل الشغل في أيه
إختار حجته المناسبة ثم قال 
_مفيش بس تعبان ومحتاج أريح شوية. 
منحه نظرة صلدة تعمقت داخله قبل أن يشير له بغموض 
_روح نام يا بدر. 
ما أن إستمع أذنه الصريح بالمغادرة حتى نهض سريعا خشية من أن يرآها مجددا وليته تمهل قليلا والا لما سيضع بالمواجهة الغير محببة لقلبه الجريح فما أن فتح باب الشقة ليغادر لشقته المقابلة وجد عبد الرحمنوتالين مقابله تلقائيا توجهت عينيه تجاه الدرج ليلمحها وهي تصعد هائمة به توهجت حدقتيه بترنيمة يصعب تميزها وقفت بمنتصف الدرج يدها تتعلق بالدرابزين تتأمله بسكون عجيب فرغم سكون الأجساد وهدوئهما الا أن الأعين تتحدث بحديث لا نهاية له اشتياق ينبع من الداخل لا يقدر كلا منهما على التصدي له أو مواجهته فالنظرات هو الوصال بين القلب ومبتغاه توصل ما يريد بمنتهى الشفافية دون أن تجمله أو تنكر ما يخفق بداخله!
مرر عينيه عليها في ذهول تام وكأنه يرى فتاة أخرى لا يعرفها وزنها الهزيل نظراتها اللامعة بالدموع المصحوبة بسحابة مظلمة من الحزن ملابسها التي باتت محتشمة لحدا ما مما كانت ترتديه بالرغم من تحرر خصلات شعرها الأصفر من خلفها بصعوبة بالغة سحب نظراته المتعلقة بها لينتبه لتالين التي تخاطبه فمنحها ابتسامة مصطنعة فقالت وهي تشير لرؤى 
_أنتي لسه عندك اطلعي يلا 
صعدت الدرج الفاصل بينهما لتقف بالقرب منه منحها بدر نظرة قاسېة تحمل التقزز بين طياتها فغادر من أمامهما قبل أن يمنحها فرصة الحديث معه ولج للشقة المقابلة لهما وعينيها تتبعه كالظل الذي يتبع صاحبه فما أن أغلق الباب حتى أغلقت عينيها بقوة حررت تلك الدمعة الحبيسة بداخلها وكأنها الآن تحصد نتائج ما ارتكبته بحقه انتبه لها يحيى فقال وهو يتحاشى التطلع لها حتى لا يحرجها 
_ادخلي يا رؤى. 
أومأت برأسها بهدوء ثم اتبعتهما للداخل فحاولت رسم ابتسامة مصطنعة حينما هرولت روجينااليها ټحتضنها وهي تردد بفرحة 
_وحشتيني أوي. 
أجابتها بصوت واهن 
_وأنتي كمان وحشتيني أوي. 
جذبتها لغرفتها سريعا ليتبادلن الحديث العالق بينهما منذ قترة أما تالين فجلست جوار حور بسعادة امتسحت معالمها شوقا لها
 

تم نسخ الرابط