الدهاشنة بقلم آية محمد رفعت
المحتويات
هو بمناغشتها حينما قال
_في حد بيتعب بيبقى زي القمر كده يا ماستي!
وجدها لا تعايره أي انتباها لما يقول بعد تطلعت إليه نظرة ساكنة صافية تتبعتها سؤال جعله في حالة من الصدمة
_هو أنا بعرف أسوق عربية يا يحيى!
السيطرة على صډمته كان أمرا لا يستهان به فاستحضر هدوئه وهو يسألها باهتمام
كان هناك شيئا لا يستطيع فهمه طريقتها بطرح سؤالها والحديث معه كانت أكثر اتزانا من حوارها الطفولي وكأنها كبرت عدة أعوام حتى وإن لم تهيأها للعودة لطبيعتها ولكنها اشارة جيدة بأن ما تتذكره من طيف ماضيها يدفعها لاستعادة ذاتها اتكأتماسة على الوسادة لتجلس بشكل مريح ثم قالت بحزن
خاب ظنها في سماع اجابته السريعة التي ترضي فضولها على الدوام ولكنه كان متخبطا لا يملك ارشادات تمنحه تصرف مفروض بما يفعله معها مثلما يتلقى من طيبيها لذا كان حائرا للغاية وبعد فترة من صمته أجلى صوته المنقطع قائلا
قوست حاجبيها وهي تجيبه بشك
_بس أنت قولتلي أننا بنحلم وإحنا نايمين بس!
ابتسامة زرعت على معالمه المرتبكة فضمھا لصدره وهو يطبع سيل من القبلات على جبينها ليهمس بحنان
_صح يا روحي كلامك صح.
رفعت ذراعيها لتتشبث به فبات مندهشا من تلقائية فعلها الذي يعود لسابق ما تفعله فابتسم بفرحة وهو يشدد من ضمھا وبداخله الف رجاء وتوسل بأن تكون مؤشرات عودتها فقد طال انتظاره ولم يمل بعد مازال يترقب عودتها في شوق ولهفة.
_ماما عاملة أيه وحشاني أوي..
أتاها صوتها الذي لمح طيف من الحزن
_الحمد لله يا حببتي طمنيني انتي اللي أخبارك ايه
_انا الحمد لله مالك كده صوتك متغير في أيه
_مفيش والله يا بتي خالك عباس مرجعش البيت من امبارح ومرته هتتجنن كل دقيقة تتصل بيا مفكراه اهنه.
تقوست معالمها في دهشة قلبت لشك حينما وجدت آسر يدلف من باب الغرفة سلطت نظراتها عليه وكأنها لمست وجود شيئا ما من اختفائه الغريب وخاصة بأنها أخبرته بالأمس انتبه آسر لشرودها المتعلق به فخلع قميصه ثم جلس على الاريكة يخلع حذائه وهو يحاول أن يستعلم سر شرودها هذا أفاقتتسنيم على صوت والدتها فقالت بتوتر
تعمدت أن تلمح بالموضوع المتبادل بينهما وبين والدتها أمامه حتى تستكشف بذلك ما هناك ولكنه كان يتحرك أمامها ببرود فسحب الملابس من الخزانة ثم ارتدائها دون أن يتطلع تجاهها ومن ثم اتجه لمكتبه الصغير ليجذب حاسوبه ويتابع تصفحه فما أن أغلقت الهاتف معاها حتى اتجهت إليه فظلت تراقبه بلحظات صمت حائرة الى أن تجرأت باستجماع ما ستقول
_ماما بتقولي إن خالي مرجعش بيته من إمبارح غريبة أول مرة يعملها!
بدى مسترخا بجلسته وكأنه لم يستمع لشيئا حاولت خلق أي حجة لاستدراجه بالحديث ولكن هدوئه جعلها تخوض حربا باردة زرعت بداخلها الغيظ والارتباك من تفكيرها الخطېر لذا عادت لتردد بهلع
_أنت قټلته يا آسر
رفع عينيه عن حاسوبه ليتطلع لها بنظرة زادت من حيرتها إلى إن قرر قطع ربكتها تلك حينما قال ساخرا
_ليه متجوزة سڤاح!
شعرت بإنجازها العظيم حينما استدرجته للحديث فقالت بشك
_يعني أنت مالكش علاقة بإختفائه
تأرجح بمقعده حتى بات مقابلها فنهض ليقف أمامها بنظرة صلبة تشمل سخطا عظيما فقال بنبرة خشنة
_لا ليا وهيفضل كده في حضڼ رجالتي كام يوم يتربى وبعدها نرجعه لأمه.
صعقټ تسنيم مما استمعت اليه فكادت بالحديث ولكنه كان أسرع منها حينما قال بصرامة وحزم تعهدهما لأول مرة
_مش عايز كلام كتير في الموضوع ده يا تسنيم انتي سألتيني وأنا جاوبتك انتهينا.
وتركها واتجه للفراش فألقى بثقل جسده عليه فاتبعته حتى باتت قريبة منه وخشيت أن تخطو خطوات أخرى منه ترقرقت الدموع بعينيها وهي تراقبه عن ذاك البعد فشلت في تحديد ما يلزم خوضه في تلك اللحظة هل تتحلى بالسعادة لما سيناله هذا الحقېر من عقاپ يستحقه أم عليها بالخۏف من أن تزداد الامور سوءا وحينها سيكن زوجها في وجه المدفع شهقاتها الباكية وصلت إليه فانقلب بجسديه تجاهها ففتح ذراعيه وهو يردد بصوته الحنون
_تعالي يا تسنيم.
كانت بحاجة لقربه في ذلك الوقت فلم تتردد في ذلك فأسرعت لتتمدد جواره بين دفء ذراعيه فشعر بانتفاض جسدها الذي تكبت من خلفه حزن ودموعا ليس بحاجة لرؤياها حتى يعلم بأنها تبكي مرر آسر يديه على جسدها برفق ثم همس لها بحب
_متفكريش في حاجة ونامي طول ما أنا جنبك مفيش مخلوق هيمسك بالسوء لا هو ولا غيره.
ابتسمت رغم بكائها فتشبثت به وهي تنصاع لنصيحته وسرعان ما غفت هي الأخرى تاركة من خلفها صفحة الماضي الذي يعبئ أسطره الآلآم ومرارة ۏجع الذكريات.
الأيام تمضي والعمر يمضي والهموم لا يزيحها لا وقتا يمر ولا
عهد يتبعه فهناك أوجاعا تلازمنا حتى ولو عشنا قرنا أوجاعا تعاستها كانت بيدنا لذا يكن ۏجعها قاټل فربما إن كان غيرك من تسبب لك بذاك الألم ستمضي وأنت تلقي باللوم عليه ففكرة العيش كمظلوم تناجي أفضل ألف مرة من تعيس يلوم نفسه التي أوقعته في ذلك الفخ هكذا كان حال روجينا التي جعلت من غرفتها حبس منفرد لها فطوال تلك الأيام كانت حبيسة لأوجاعها ولكن لا مفر اليوم من الهروب فاليوم هو المحدد لسفرهما باكرا قبل حفل الحنة جلست أمام المرآة تنظر لإنعكاس وجهها الباهت فأفاقت على دخول حور لغرفتها فدنت منها قائلة بدهشة
_أنتي لسه ملبستيش يا روجينا ده أحمد واقف تحت من زمان هنتأخر كده لازم نتحرك عشان نكون هناك على الصبح ان شاء الله.
هزت رأسها وهي تحاول عقد حجابها
_خلصت أهو..
أصابعها الممسكة بطرف حجابها كانت ترتجف للغاية فانحنت حور تجاهها لتعقده لها بحزن على ما حدث لها انطفأت كالمصباح الذي فقد حقه بالأنارة مجددا بعدما أصبح تالف جسدها فقد تقريبا أكثر من نصف وزنها فالحزن يزيد العمر عمرا وينهش بالجسد كالسړطان الخبيث تحركت معها للأسفل وقلبها يخفق خوفا وترقب بداخلها شعورا قوي بأن أيان من المستحيل أن يدعها وشأنها ورغم ذلك تشعر بالشفقة تجاه أحمد الذي لم يستحق منها ذلك الفعل الشنيع الذي ارتكبته بحقه هبطت روجينا بصحبتها حتى وصلت للسيارة فجذب أحمد منهما الحقائب ليضعها بشنطة السيارة ثم صعد للمقعد الأمامي فصعدت كلا منهن بالخلف تحرك عائدا للصعيد في تمام الساعة الثالثة فجرا فاليوم سيكون مخصص لحفل الحنة وغدا الزفاف رفع عينيه تجاه المرآة فرأى دمعات روجينا مازالت تنتحب بصمت يشعر بما ستلاقاه خلال تلك الرحلة تخشى من الف شيء يخشاه هو أيضا وبعد ما يقرب الساعتين من القيادة انتباها دوار مفاجئ فشعرت بأنها ستتقيء بأي لحظة مالت روجينا برأسها تجاه حور فوجدتها قد غفت على مقعدها من فرط الاجهاد فكزت بأسنانها على شفتيها السفيلة من فرط الألم فلم تجد. مفر منا يهاجمها خرج صوتها الشاحب ليهمس بتعب شديد
_أحمد!
استدار برأسه للخلف فوجدها في حالة لا يرثى لها فعادت لتهمس بصوت متقطع
_وقف العربية.
انصاع لها على الفور ثم هبط ليسرع بفتح بابها فحاولت الهبوط ولكنها كادت بالتعثر فساندها أحمد وعاونها على الجلوس بالاستراحة القريبة من السيارة وجلس جوارها ثم سألها باهتمام
_انتي كويسة
مالت برأسها على حافة الأريكة الخشبية وهي تشير له بالنفي فعاد ليتساءل مجددا
_فين ادويتك
رددت بصوت يكاد يكون مسموع
_بالعربية.
تركها أحمد وأسرع للسيارة ففتح الباب الخلفي ليبحث بحقيبة يدها فوجدها بكيس صغير حمله وأعاد غلق الحقيبة ثم عاد إليها ففتح محتوياته ووضعه بيدها ثم قدم له زجاجة مياة تناولت روجينا الدواء ثم مالت برأسها مجددا فجلس جوارها يترقب ما سيحدث انهمرت دمعاتها لتصاحب نبرتها المذبذبة
_مش هقدر يا أحمد هيكشفوني.
رق لحالتها فكانت تبعد كل البعد عن تلك الفتاة العنيدة صعبة المنال من يرأها مجرد فتاة منكسرة هزمها قدرها ليجردها من كل طاقة قوة امتلكتها يوما فرفع يديه ليربت على يدها الممدودة ليخبرها بهدوء صوته العذب
_متخافيش حتى لو ده حصل فأنا اللي هتحمل المسؤولية مش عايزك تفكري في حاجة عشان متوتريش.
خذلتها تلك الدمعة البائسة فقالت بخذلان
_أنا مش عارفة أقولك أيه يا أحمد بجد اللي أنا عملته معاك صعب أي حد يتقبله.
لم يرغب في سماع المزيد أو بالمعنى الصريح يرفض تذكر الأمر فالحړب الذي سيخوضها كل مرة يستعيد بها تنشيط ذكرياته تدمره نفسيا لذا نهض من جوارها وهو يشير بيديه على السوبر ماركت القريب منهما
_هجيب عصير وهرجع.
أومأت برأسها بهدوء فتركها واتجه ليشتري بعض الأغراض أما هي فتحكمت بدوارها العڼيف حينما أغلقت عينيها لفترة مطولة علها تستطيع محاربة اعيائها الشديد.
أصابعه تضغط بقوة على شاشة الهاتف وهو يرأها مغلقة العينين مازالت مكالمة الفيديو مستمرة بينه وبين أحد رجاله المسؤولين عن مراقبتها تمنى لو كانت قريبة منه فيتمكن من صفعها لقربها من أحمد بالرغم من تحذيراته لها سابقا ألقى أيان هاتفه أرضا وهو يصيح بانفعال
_ماشي يا روجينا هانت وهتشوفي عواقب اللي بتعمليه ده.
ثم نهض عن مقعده وبسمة خبيثة تزور وجهه ذو المعالم المبهمة
_مش أنتي وبس أنتي وكل عيلتك وأولهم أبوكي... خلاص يا فهد وقت الحساب مبقاش بعيد!
بمنزل الكبير..
ازدحم المطبخ بالنساء والأقارب ليتعاونا على طهي عدة أصنف من الطعام الفاخر احتفالا بابنة كبيرهم حتى رواية فقد حرصت أن تعد كل شيئا بيدها وعاونتها تسنيم ونادين وباقي الفتيات وبمجرد وصول روجينا وحور شرعت تالين ورؤى بتجهيزها فلم يكن متبقي على الحفل سوى القليل شعرت روجينا في تلك اللحظة بأنها تسابق الوقت الذي ستصمد به بصحبة النساء في قاعة المنزل كانت ترى الجميع من حولها في حالة من السعادة الا هي تغمرها تعاسة لا نهاية لها لم يعنيها وجود اسرتها من حولها فأي منهما لن يستطيع تخفيف ما تشعر به في تلك اللحظة جذبتها تالين وهي تهمس لها بمكر
_تعالي نطلع نتفرج من فوق السطوح مع البنات.
كادت بالتعثر من خلفها من شدة ركضها فساندتها حور في محاولة لتغطية الامر لټعنف تالين بمرح
_يا بنتي مش كده فستانها طويل وهيوقعها.
لم ينتبه أحدا لما حدث فكانت حور تنتبه لأصغر تفاصيلها حتى لا ينكشف أمرها اتبعتهن للأعلى فوقفن جميعا جوار بعضهن البعض فاختلسن النظرات لما يحدث بالأسفل.
جاهد لرسم ابتسامة زائفة تخفي من خلفها خيبة أماله بشريكته الذي
متابعة القراءة